عدد الرسائل : 1199 المزاج : احترام قوانيين المنتدى تاريخ التسجيل : 28/03/2008
15112010
عندما تهون أقدارنا ! بقلم / نصر قادري
الأسعاء" بقلم: نصر قادري ما دام يحكمنا الجنون / سنرى كلاب الصيد / تلتهِم الأجنة في البطون / سنرى حقول القمحِ ألغاماً / ونور الصبح ناراً في العيون / سنرى الصغار على المشانق / في صلاة الفجرِ جهراً يصلبون / وحين يحكمنا الجنون / لا فرحة في عينِ طفل / نام في صدر حنون / لا دين.. لا إيمان.. لا حق / ولا عرض مصون / وتهون أقدار الشعوب / وكل شيءٍ قد يهون / ما دام يحكمنا الجنون / فاروق جويّدة / لم تتصور أسرة وجدي أكرم محسن أحد أبناء مدينة "المنصورة" ، و أقربائه و أصدقائه و محبيه في "عدن" عامة ، بإن يوم 27 أكتوبر الماضي ، سيكون يوما ً محزنا ً و مفجعا ًً و مأساويا ً بالنسبة لهم ، فالبرغم من تحملهم لمعانات طويلة من الصبر طيلة فراق حبيبهم خلف بحارهم و في أسر القراصنة ، تعلقوا بالأمل و تمسكوا به ، آملين في أن يجدوا من يلفت إلى أسيرهم الشهيد ، و من معه المحتجزين لدى قراصنة البحار ، الذين لا دين و لا إنسانية و لا ضمائر لديهم ، و املهم بالإفراج عنهم سريعا ً و إنهاء قضيتهم بعد هذه الأشهر من الفراق ، ليصابوا بعد كل هذا بالصدمة المؤسفة التي رافقت نبأ إستشهاد الشهيد وجدي . بكل تأكيد فقد شكل هذا النباء صدمة كبيرة ، تعرض لها جميع من يعرفون الشهيد وجدي ، خاصة أسرة الشهيد وجدي و زوجته و ابنائه الأربعة الذين لم يتجاوز أكبرهم 22 عاما ً ، و أصغرهم الـ 14 عاما ً ، فور علمهم بالنبأ اليقين و المفجع بإستشهاد حبيبهم و والدهم ، و ذلك بعد رؤيتهم للمقطع الفيديو الذي أرسله إليهم القراصنة ، و فيه يظهر بشكل مؤسف ومحزن للغاية جثمان الشهيد الطاهر محفوظا ًً في ثلاجة ٍ لا تصلح حتى لحفظ الأسماك . فالشهيد الضابط الثالث وجدي ، يعد ضمن 24 بحارا ً هم طاقم السفينة "آيس بيرج" محتجزين عند القراصنة الصومال ، و بعد إحتجاز دام سبعة أشهر في منطقة "عليا بوصاصو" في دولة الصومال ، و في ظل ظروف إنسانية و نفسية صعبة للغاية في محتجزهم عند القراصنة الصومال ، حيث لا دواء و لا غذاء مناسب متوفرا ً لديهم ، قتل القراصنة الشهيد وجدي غدرا ً و عمدا ً و عدوانا ً ، وذلك بعد 3 أيام على تهديد القراصنة الصومال بقتل الأسرى المحتجزين لديها واحدا ً تلو الآخر ، و بيع اعضائهم البشرية في حالة لم تستجيب الحكومة اليمنية أو أسرهم لدفع الفدية المطلوبة ، و ينتظر الآن ذاك المصير المحزن الذي لقيه الشهيد وجدي ثمانية آخرين من رفاقه ، و المحتجزين منذ إختطافهم مع السفينة "آيس بيرج" من داخل المياه الإقليمية ، في أواخر شهر مارس العام الجاري ، و إختطافهم هذا تم عندما أعترض مسير سفينتهم قرب سواحل أحور مركب القراصنة الصومال ، و ساعدهم كثيرا ً في ذلك الغياب التام لقوات خفر السواحل ، و التي لم تدخر جهدا ً يذكر في تحمل مسؤولياتها ، و الغياب الآخر كان للواء الثاني البحري "لبوزه" ، و الذي تابعناه في وسائل الإعلام ، و هو يستعرض عضلاته بكل ما أوتي من قوة أثناء القصف الذي طال مؤخرا ً الحوطة بمحافظة شبوه . و قبل تطرقنا للحديث عن الفدية التي يطالب بها القراصنة الصومال ، أسمحوا لي أن أواصل الحديث عن قوة خفر السواحل ، التي وقفت حينها عاجزةً متخاذلة عن حماية المياه الإقليمية المكلفة بحمايتها و من عليها ، أمام قوة بضعة قراصنة تعودوا مرارا ً على خرق مياهنا الإقليمية مرات عدة وعدة ، بل و المفاجئ و الفضيحة أن ياتي بعدها أحد قيادات خفر السواحل ليصبح سمسارا ً في مزاد الفديات . هذه الفديات التي طالب بها القراصنة الصومال لا تقدر اسرة الشهيد و المحتجزين على دفعها ، و بعد تحديد الفدية في بادئ الأمر بـ 3 ملائين دولار، مقابل إخلاء سراح الشهيد وجدي أكرم و رفاقه الثمانية المحتجزين ، تم تخفيضها إلى مليون دولار ، وذلك ربما بعد إنقضاء فترة طويلة على إحتجازهم ، رؤية التجاهل المقيت من قبل نظام صنعاء الذي لا يكترث بمصير أبناء الجنوب ، و المنشغل بالإعداد لخليجي "عشرين" في عدن بالمليارات ، و التي أكثر هذه المليارات أتلتهما جيوب المفسدين ، و كذلك وسط إنشغال قوات بره و بحره و جوه بخطط عسكرة المدن ، و ضرب القرى الجنوبية . واضح جليا ً بإن المناشدات التي وجهتها أسرة الشهيد وجدي و أسر المحتجزين الآخرين ، و نداءات المنظمات الحقوقية و الإنسانية لسلطات النظام في صنعاء عبر الصحف و المواقع الإلكترونية ، لا تجد الإذن الصاغية و المهتمة لدى أصحاب الشان في صنعاء ، الذين وقفوا في هذه القضية كالصم و البكم و العمي ، فلم تحرك فيها هذه المناشدات و النداءات ساكنا ً ، و لسان حالهم يقول لا حياة لمن تنادي . إذا كان تهديد القراصنة بقتل بقية الرهائن المحتجزين ، و بيع أعضائهم البشرية ثم إقدامهم على إرتكاب جريمة قتل الشهيد وجدي أكرم ، وحفظ جثمانه في "ثلاجة حفظ الاسماك" إذا كان هو قمة الإستهتار بحرمة الميت ، فعدم اللا مبالات التي يقابل بها النظام في صنعاء و سلطاته هذه القضية يعد إستهتارا ً آخر ، لا يقل عن الإستهتار بحق الإنسانية من قبل القراصنة الصومال . و بينما كان النظام في صنعاء مستمر في تجاهله للقضية ، غير إعطائه أسر المحتجزين وعودا ً مسكنة ما تلبث إلا أن تتبخر سريعا ً ، فترة تجاهل النظام في صنعاء لقضية المحتجزين ، كانت كافية لأن تتمكن حكومات الهند و الفلبين من فك قيد البحارة الآخرين الذين هم من جنسياتها ، و المحتجزين في ذات السفينة "آيس بيرج" ، فقط لإن هؤلاء البحارة وجدوا في بلدانهم حكومات تصون كرامتهم أمام شعوب العالم ، و هي حكومات تهمها مصير الشعوب ، خاصة عندما تكون هذه الشعوب التي تحكمها هي شعوبها فعلا ً . و إن عدم إهتمام النظام في صنعاء و سلطاته المختصة للقضية و أبعادها ، يؤكد لنا أبناء الجنوب إستنتاجا وحيدا ًً ، و هو بإن النظام في صنعاء لا زال يستهين بمصير الإنسان الجنوبي و قيمته ، و هذا التصرف يجعل كثيرين من أبناء الجنوب يفكرون مليا ً كيف كانت كرامتهم مصانة أمام الشعوب الأخرى إبان دولتهم المستقلة ، كما هي كانت محمية أراضيهم و بحارهم ، و كيف كان لهذا الإنسان إحترامه أمام شعوب العالم ، و السبب يعود لوجود حكومة في بلاده تحترم إنسانيته أمام هذا العالم . و إذ ما طالعنا المناشدات و النداءات الموجهة من أهل الشهيد وجدي ، و بقية أهالي الأسرى الآخرين ، ستثير إنتباهنا كثيرا ً الحقيقة المرة التي لابد من التوقف عندها ، حيث ذُكرت في إحدى مناشادتهم لمختلف المسؤولين في النظام ، و منهم رئيسه : " بإنهم و منذ تاريخ 27 – مارس – 2010 ، و هم يتابعون الجهات المختصة و لم يلقوا أي تجاوب ، و كإن أولادهم ليسوا من أبناء الجمهورية اليمنية ، و واجب على هذا النظام و الحكومة حمايتهم و الدفاع عنهم " و يكفي إستدلالهم في المناشدة باليهود في إسرائيل الذين يقاتلون في سبيل إسترجاع جثة مواطنهم اليهودي ، و يطلقون سراح عدد من الأسرى في فلسطين مقابل إستلامها ! ، و فعلا ً و نحن في هذا المقام نطرح ذات التساؤل و الإستدلال الذي لا تعليق لنا عليه . و للتعمق أكثر في الحديث عن كيفية هي أقدار الشعوب عند حكامها و الأنظمة القائمة في بلدانها ، نأخذ مثالا ً من نظام عربي قد يعتبره البعض قريبا ً من حيث الشكل و طبيعة الحكم من نظام صنعاء ، و المثال يعود بنا لحادثة أحتجاز القراصنة الصومال مركبتي "سماره" و "ممتاز1" المصريتين في أغسطس العام الماضي ، و التي طالبوا الحكومة المصرية و ذوي المحتجزين بفدية مقابل إطلاقهم سراح السفينتين و طاقمهما ، قال حينها مالك السفينتين حسن خليل أثناء حديثه لوسائل الإعلام غداة تحرير السفينتين و طاقمها :" بإن الرئيس المصري حسني مبارك كان يتصل به أكثر من مرة يوميا ً ، و بصورة مستمرة للإطمئنان على صحة الصيادين و عن أحوالهم ، و لا ننسى جهود المخابرات المصرية التي خططت و بعناية فائقة لإنجاز هذه المهمة ، و عملت على خلق رابط بين جهاز المخابرات و الصيادين المصريين المختطفين ، حرصا ًَ منهم على الصيادين تحريرهم دون حدوث أية خسائر في أرواحهم . و السؤال الذي سيظل يتردد ، متى سيلفت نظام صنعاء إلى القضية بجدية ؟ ، و يسعى لإستعادة جثمان الشهيد وجدي لدفنه في مدينته و لإكرامه بعد موته ، و تحرير بقية رفاقه الأحياء سريعا ً ، قبل فوات الآوان في هذا الوقت الذي يعد "الوقت بدل الضايع " ، و عليه أن يدرك بإن المسؤولية الكاملة ملقاة عليه في كل ما يحصل للإنسان الجنوبي المكلوم ، في ظل حكمه منذ إحتلاله لأرضه ، و أيضا ً منذ تدمير مقدراته و خبراته البشرية و العسكرية التي كانت تحمي و تصون الإنسان و الأرض و المياه في الجنوب ، و كل ما يجري نتيجة تصرافته سيحاسب عليه عاجلا ً أم آجلا ً . في الختام ، منا على روح الشهيد السلام ، سلامٌ عليك يا شهيدنا "وجدي" ، و أصدق العزاء و المواساة لاسرته و أنجاله عصام ، و محمد ، و هشام ، و أصدقاء و محبي الشهيد و ما أكثرهم ، و الحرية لأسرى السفينة "آيس بيرج" ، و لا نامت أعين الجبناء . و أخيرا ً أقول قول الشاعر : يا أبتاه ! / إن تسمل عدنيك زبانية الأحزان / فأنا ملء يديك / مسرجة تشرب من زيت الإيمان / و غدا ً يا أبتاه أعيد إليك / قسما َ يا أبتاه أعيد إليك / ما سلبتك خطايا القرصان / قسما َ يا أبتاه / بإسم الله .. و بإسم الإنسان / سميح القاسم /
مقطع الفيديو المرسل من القراصنة إلى أسرة الشهيد وجدي