الاعتراف بالأزمة بداية الحلعبدالله مهيم:
بعد أن وصل صدى الحراك في المحافظات الجنوبية إلى أقصى المعمورة, وأصبحت أخباره تتصدر نشرات الأخبار في أهم القنوات العربية والدولية، لايزال المصدر الرسمي والحزب الحاكم يكابر ويرفض الاعتراف بوجود أزمة، مستمرا في عادته بتوجيه التهم التي لاتخرج عن ألفاظ التخريب والانفصال والعمالة والمصالح الخارجية.
عام كامل من الاعتصامات السلمية والمظاهرات المنددة بالظلم والمطالبة بالمساواة ومحاربة الفساد لم يكن كافيا للحكومة والقيادة المركزية لكي تنظر إلى الأمور بواقعية وبنظرة المحافظ على الوطن ومكتسباته بعيدا عن الشطح واستخدام لغة التهديد والاستقواء وتغطية عين الشمس بمنخل.
عندما بدأ الحراك قبل عام بمطالبة المتقاعدين بحقوقهم رفضت السلطة حينها الاستماع إلى هذه المطالب الحقوقية، واستمرت في عنادها متهمة هؤلاء المظلومين بالعناصر التي فقدت مصالحها، والساعية لزعزعة الأمن والاستقرار اللذين لايحتاجان لمن يزعزعهما في الواقع.
ربما أنه لايضيع حق وراءه مطالب، فقد استمرت الاعتصامات، وزاد عدد المتقاعدين والمظلومين، فلم يكن أمام السلطة إلا الاعتراف بحقوق المتقاعدين، وسبحان الله، فقد تحول الذين كانوا بالأمس فاقدين للمصالح إلى مواطنين تعرضوا للظلم، ولهم حق، والدليل أن القرارات توالت لإعادة الآلاف إلى أعمالهم، وصرف مستحقاتهم.
واليوم وبعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها عدد من المحافظات الجنوبية، والتي لاتزال حتى اللحظة في حالة طوارئ غير معلنة لأول مرة في البلاد، لاتزال السلطة تعاند وتتكبر في الاعتراف بوجود أزمة حقيقية، مفضلة أسلوب القوة والقمع والاعتقالات، في اعتقاد خاطئ أن ذلك هو الحل الأمثل.
لاشك أن الجميع يرفض أعمال الشغب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، لكنه يرفض أيضا التهم السلطوية لكل من يخرج معبرا عن رأيه، مطالبا بحقوقه وفقا للقانون والدستور، كما أن العقلاء يأملون أن تتعامل السلطة مع الأزمة الموجودة بحكمة، على اعتبار أن هؤلاء هم أبناء هذا الوطن.
ويبقى الأمر الذي لاجدال أو شك فيه أن هناك أزمة حقيقية في الجنوب، وهذه الأزمة تزداد يوما بعد آخر بسبب المظالم والفساد الذي يعم البلاد، كما أن الخروج من هذه الأزمة لن يأتي بمنطق القوة والاعتقالات وتكميم الأفواه، لأن الشعب لم يعد جاهلا وصبره قد فاض، حتى أن البعض أصبح يفضل الموت على حياة الذل والمعاناة، وإذا كانت قيادات السلطة تريد الحفاظ على الوحدة ومكاسبها فعلا- لا من فوق المنابر- فإن الاعتراف أولا بالأزمة الجنوبية هو النافذة الوحيدة للحل، ثم النظر في مطالب الشعب التي لاينكرها إلا جاحد أو مزايد فق.
* نشرهذا في صحيفة الأيام:07/04/2008 - 5370 - الإثنين---------