الأسعاء المـديـر العـــام
عدد الرسائل : 1199 المزاج : احترام قوانيين المنتدى تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| | غباء النظام ام غباء الخصوم في الفوضى الخلاقة باليمن ( بقلم : لطفي شطارة ) | |
لندن " عدن برس " الأسعاء: متابعات نجح رئيس النظام اليمني علي عبدالله صالح في إنتهاج سياسة الفوضى الخلاقة في اليمن ، وهي سياسة يهدف من وراءها نقل الصراع المفروض بينه وبين خصومه ، الى صراع بين الخصوم أنفسهم ليتسنى له ممارسة البقاء على كرسي الحكم أطول فترة من الزمن ، بل والتهيئة الهادئة لتسليم زمام الحكم في اليمن الى نجله أحمد .. فقد نجح الرئيس صالح في العبث بكل الاطراف السياسية بما فيهم الحراك في الجنوب سواء على مستوى الداخل او الخارج ، مستفيدا من تحكمه بمقدرات الدولة والمتمثلة في مثلث ( المال ، الاعلام ، والأمن ) ، وهذا المثلث هو من جعل صالح يتحكم بخيوط اللعبة السياسية في اليمن ، بل ومحاولة السيطرة على الخارج عبر هذه السياسة ( الفوضى الخلاقة ) من خلال رعايته لوهم القاعدة وإستوطان هذا التنظيم في اليمن.
في الوقت الذي يعرف القاصي والداني بأن نجوم القاعدة الحقيقيين والذين يديرون له وبأسم هذا التنظيم الارهابي كل العمليات الارهابية في اليمن وفقا لمصالح النظام ورئيسه هم يحظون برعاية خاصة من داخل اروقة القصر الجمهوري في صنعاء ، بل أن أحد أبرز العقول المدبرة للاعمال الارهابية يعيش على بعد أمتار فقط من بيت الرئيس نفسه . استطاع صالح ليس بذكائه السياسي كما يعتقد او يتوهم من حوله أنه أسطورة في الدهاء ، بل أني أجزم أن غباء الخصوم هو السبب الرئيس في بقاء صالح بالحكم طوال هذه الفترة ، بما فيهم الحراك الجنوبي الذي يعج بالاغبياء مثلهم مثل أغبياء الحركة الحوثية ، ومثلهم مثل أغبياء أحزاب المعارضة الذين لا يعرفون ماذا يريدون من معارضتهم للنظام القائم ، والذين لم يستطيعوا تحديد اولوياتهم ، كما أنهم جميعا يشتركون في عدم جعل النظام ورئيسه خصمهم الوحيد ، بل وقعوا وما يزالوا لقمة سهلة لفخ النظام الذي ينصبه لكل من يسعى الى مواجهته . استطاع الرئيس اليمني عبر ثالوث ( الامن ( للقمع ) والاعلام ( للكذب والتضليل ) والمال ( لشراء الذمم وشق المعارضين ) أن يتسلى بهذه السياسة لفترة طويلة ، بل كانت حجر الزاوية في نجاح حربه التي شنها في 27 ابريل 1994 لاحتلال الجنوب منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، فبعد حروب ست مع الحوثيين استطاع أن يقلب الحقائق وينقل الصراع من صراع الحوثيين كحركة الى صراع حركة مع قبائل كما تجري الان عبر خيوط ووجاهات قبلية تدير حربا خفية وغير معلنة مع الحوثيين نيابة عن السلطة في محاولة لانهائها عن بكرة ابيها كما يعتقد رئيس النظام اليمني ، ناسيا أن بأن الدم يرث دما ، وأن لعنة الابرياء الذين سقطوا ضحايا شهوة سلطته وتمرير سياساته لن تمر لا بسحق النظام وتدميره طال الزمن او قصر والاخذ بثأر كل قطرة دم سالت في تلك المحافظة .. وغباء الحوثيين يكمن في أنهم لم يستفيذوا في حروبهم الست ونقل القضية وتدويلها كما فعل اربعة ضباط سودانيين استطاعوا تدويل قضية دارفور السودان بل وتمكنوا من استصدار قرار دولي يقضي بالقبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير وتسليمه الى محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي ، فقد استسلم الحوثيين لسياسة النظام اليمني الذي استطاع أن يجعل القضية محلية رغم كل الجرائم التي ارتكبها بحق الابرياء من أبناء صعدة الذين أباد منهم الاطفال والنساء والشيوخ واحرق الارض ومن عليها منذ 2004 الى أن حولها الى اطلال ومحافظة أشباح ، ورغم محاولات النظام توريط اطراف خارجية في الحروب ضد الحوثيين الان أن الاخيرين لم يستطيعوا توظيف هذا العنصر الكفيل بتدويل قضيتهم بالشكل الامثل ، ومع هذا لم يتمكن الحوثيين أن يحققوا أي إختراق سياسي دولي على الرغم من إقامة ناطقهم الرسمي يحي الحوثي في المانيا التي سمحت له بالتحرك اعلاميا وبحرية مطلقة ، كما أنهم فشلوا في أن يشكلوا أنصارا لهم في اوربا رغم التعاطف الذي لاقوه من عدد كبير من ابناء اليمن في الداخل والخارج ، والذين كانوا يراهنون من أن الحركة الحوثية هي اخر مسمار سيدق نعش النظام اليمني . جنوبا أستطاع صالح أن يستفيد من التناقضات التي استثمرها كثيرا بين الجنوبيين منذ ما قبل التوقيع على إتفاقية الوحدة الهشة بين الجنوب والشمال في 22 مايو 1990 مرورا بحرب احتلال الجنوب والذي ساعده التناقض الجنوبي في حسمها لصالحه وبايادي جنوبية ، واليوم يستثمر هذا التناقض لضرب الحراك مستفيدا من التناقضات التي تعصف به بسبب تخبط قياداته في تحديد اولوياتهم المطلوبة لانتزاع الحرية لشعبهم واستعادة السيادة لبلدهم الذي يقدم رجال الشارع البسطاء طابورا من الشهداء والجرحى والمعتقلين وما يزال على استعداد لتقديم قوافل الشهداء لانتصار قضيتهم التي يدافعون عنها وهي ( الجنوب او الموت ) .. فقد بدأ الحراك السلمي بشكل مطلبي للحقوق المتساوية للمواطنة ، وأستعادة كثير من الحقوق التي فقدها المواطن الجنوبي منذ الوحدة وحتى اليوم ، ولعل ابرزها حقة في العمل ونصيبه من الثروة والتعليم والعيش بكرامة بعيدا عن بلطجة العسكر وممارسة سياسة الاستعلاء التي وصلت حد التمييز العنصري وبشكل لا يضاهيه في العنصرية سوى نظام الابارثيد السابق في جنوب إفريقيا . خرج الشارع الجنوبي عن بكرة ابيه رافضا سياسة فرض الامر الواقع التي اراد صالح ونظامه تتبيثها في الجنوب ، فنهض المارد الجنوبي ليواجه ولوحده آلة النظام العسكري اليمني وهو لا يملك الا ارادته وكبريائه ، واصطدم بدبابات الجنود المحتلين ولم يهتم بمن سيتكفل بعائلته أذا أستشهد برصاص البلاطجة او بعلاجه اذا سقط جريحا بسلاح المستكبرين ، او بمن سيعيل اسرته او سيزوره في وحشته اذا زج به بمعتقلات الاحتلال ، خرج المارد ليقول كلمته عبر شعاره اما ان نكون أسيادا في بلدنا وارضنا وثروتنا او لا نكون .. سارت الامور بتلقائية وعفوية شعبية حتى جرى تحريف هذا الهدير الشعبي المتصاعد الى صراع سياسي وحزبي جنوبي – جنوبي ، وأصبح السباق محموما للتسابق على كراسي القيادة بعد أن تسابقوا على مكرفونات المهرجانات سواء في الداخل او الخارج ، وتمكن النظام اليمني مجددا عبر ايادي جنوبية احيانا بقصد ، واحيانا مستفيدا من غباء من يعتقد من الجنوبيين أنه أصبح رمزا ورقما صعب تجاوزه ، او من يتوهم أنه يسيطر على الشارع او متبني لقضيته وحده دون غيره ، بل بلغ الغباء عند البعض من يرى في نفسه منظرا للثورة الجنوبية او مهندسا لها ، وجنون البعض بلغ حد اصدار فتاوى تتلخص في أن ( من لا يقول انه مع الاستقلال فأن أصوله شمالية وخبيث ولعين وحقير وخطير على الجنوب اكثر من المحتل نفسه ) ، ناهيك عن فقدان البوصلة السياسية التي ستقود الجنوب الى استعادة كافة حقوقه ، بل ان عدم تحديد الاولويات جعل الجنوبيين لا يعرفون حتى اليوم من هو عدوهم الاول ، او ماذا يريدون لقضيتهم التي تلاعبوا بها بأنفسهم دون أن نحمل النظام المحتل أخطاء تغييبنا لعقولنا في رسم اولوياتنا ، هل نريد الجنوب العربي ، هل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، هل نقضي على الاشتراكي ام نحاكم الجبهة القومية ، هل نلاحق القادة التاريخيين للجنوب او القادة المحتلين له اليوم ، هل نرفض يد من يساعدنا لتأكيد قضيتنا من أخوتنا في الشمال ام نتعامل معهم بنفس العنصرية والاستعلاء التي يعاملنا بها نظام الاحتلال .. للأسف ارى بوصلة الجنوبيين تخرج عن اطار المنطق والعقل ، بل أكثر ما يسيء ويشوه القضية الجنوبية هو اصرار الكثيرين بدلا من توجيه القضية الجنوبية نحو التدويل ، اراهم يصرون على تحزيبها وتمييعها وتقزيمها ، وأراهم اكثر شراسة في تشويه بعضهم البعض ، وسخروا غالبية مواقعهم الاكترونية لتكون مسالخ لقادتهم ورموزهم وتاريخهم الذي يشوهوه عنوة ، بل وصلت في البعض منها الى تناول لغة سوقية ضد قادات ورموز جنوبية مهما اتفقنا او اختلفنا على مواقفها السياسية ، والذي يجعلني اكثر حيرة أن الجميع توقف عن تبني قضية الجنوب في الخارج وتتبيثها كقضية سياسية ، قضية شعب تحت الاحتلال وليست قضية فرد ، او قضية نصفي من خلالها حساباتنا مع من له خياراته التي يطرحها كحل للقضية ، او نحولها لقضية ضد حزب لن ينفعنا شيئا اذا ظلينا نلوك تاريخه او نشكك في طروحاته ورؤيته للحل ، بل من العيب والسخف أن نجرد الناس من وطنيتهم وإنتمائاتهم للجنوب بمجرد تمسكه برأي . لم يستطيع الجنوبيين ورغم وجود ثلاثة رؤوساء سابقين وعشرات من الوزراء ومئات من السياسيين ما يزالوا أحياء في الداخل والخارج ، ورغم ظهور كيانات وجاليات جنوبية لمناصرة شعبنا من احداث نقلة بحجم القضية الجنوبية وخروج المارد الجنوبي من قمقمه ، ولم يتمكنوا من تدويلها كما فعل مكتب صغير اداره سياسي كوسوفي سابق إسكندر حسيني أصبح اليوم وزيرا لخارجية الدولة التي حصلت إعترافا دوليا بها وفي مقدمة المعترفين بها بريطانيا وامريكا ، هذا اذا عدنا للتاريخ فأن كوسوف لم تكن دولة ذات سيادة او دخلت في وحدة اندماجية مع صربيا فأبتلعتها ، ناهيك عن أنها دولة مسلمة الى جانب البوسنة وسط دول مسيحية ، ومع هذا ارادة الكوسوفيين على الارض لم يخدلها السياسيين وابناء البلد في الخارج ، فتناغم الصمود على الارض في وجه الوقاحة والغطرسة الصربية ، مع الارادة الكوسوفية في الخارج التي استطاعت من مكتب صغير في احد ازقة العاصمة البريطانية أن ينتزعوا اعتراف اكثر من 60 دولة ، وقد شعرت بامتعاض شديد وأنا استمع للدبلوماسي الكوسوفي العجوز إسكندر حسيني نهاية العام الماضي وهو يتحدث في المعهد الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية ( شاتهام هاوس ) عن بدايات التحرك السياسي لتدويل قضية بلاده والتي لا يزال يقوم بها لحشد اكبر عدد ممكن الدول لتحقيق الاعتراف الرسمي وحجز اول مقعد في تاريخا في الامم المتحدة ، في الوقت الذي يجري وأد تاريخ دولتنا الجنوبية في كل المحافل الدولية من قبل النظام اليمني الذي لا يزال مستمر في هذه السياسة ، وسط تخبط جنوبي في تحديد بوصلتهم او رسم اولوياتهم السياسية التي ستقودهم الى تحقيق الهدف النهائي في تقرير المصير لشعب الجنوب ، تعاملوا مع القضية الجنوبية بحزبية ضيقة بعيدا عن الديناميكية السياسية ومرونتها التي تتطلب محاورين جيدين وسياسيين يجيدون طرق ابواب الدول المؤثرة في صناعة القرار الدولي ، للاسف الشديد تحولت القضية الجنوبية الى حرب البيانات والبيانات المضادة وكثرت التنظيمات والتسميات، وتشعبت المواقع التي اصبحت ملاذا للامن القومي اليمني لينخر فيه وحدة الصف الجنوبي وبتسهيلات جنوبية مجانية تحت ذريعة الرأي والرأي الاخر ، في الوقت الذي يواجه شعبنا في الداخل تضليلا اعلاميا متعمدا من قبل نظام صنعاء ، وعوضا أن يقوم الاعلام الجنوبي بنقل ما يجري في الداخل الى الخارج ويعري سياسة النظام ورئيسه ، وعوضا عن ان يقوم هذا الاعلام المحسوب على الجنوب بفضح ممارسات قادة الاحتلال وجلاديه في كل المحافظات الجنوبية ، نجده يجلد ذاته وتحول الى اعلام لنشر غسيل الخلافات الجنوبية الجنوبية وتقديمه مواد خصبة للاعلام اليمني المتربص ، بل كثر المنظرين الجنوبيين الذين تطاولوا على رموز جنوبية وهامات يستحي المرء من قراءة ما يتناولونه في هذيانهم . ولن تبقى المعارضة اليمنية إستثناءا في سياسة الفوضى الخلاقة التي يمارسها نهجا نظام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ، فالصورة القائمة اليوم تشير وبوضوح لمن يقرأ قراءة صحيحة للمشهد السياسي اليمني بأن المعارضة لا تدري هل وجودها ضرورة من اجل التغيير ورسم ملامح افضل يبعد شبح الصوملة وانهيار الاوضاع التي صار للعسكر فيها الكلمة العليا ، ام انها إستثناء لاستكمال للوحة النظام السياسي القائم والذي يدعي الديمقراطية وحرية العمل السياسي والاعلامي في اليمن ويمارس عكسه بل وبأبشع صور الديكتاتورية الفردية . والغريب أن هذه الاحزاب ورغم الاختناق الذي يحاصر النظام السياسي القائم اقتصاديا وسياسيا وامنيا بل وشعبيا ايضا يؤهلها بأن تمسك بزمام الامور لاحداث التغيير الذي ينشده رجل الشارع البسيط ، الا انها فشلت في ان تكون صوته المعبر لاستسلامها للواقع الذي فرضه عليها النظام ، حتى التفاهمات السياسية التي أعتبر بعض السياسيين الجنوبيين أنهم استطاعوا احداث تغيير في سياسات هذه الاحزاب كخطوة تسبق الاتفاق الشامل بين كل خصوم النظام المهترىء لتغييره اولا ومن تم رسم سياسة جديدة لواقع جديد فرضته حروب صعدة التي لن تنتهي ، وحراك الجنوب الذي لن يهدأ حتى يستعيد حقوقه السياسية . نرى القادة الجنوبيين في الداخل يوجهون خطابات المزايدات السياسية إلى الشعب الجنوبي المستبسل وكأنهم في سباق إنتخابي يحجزون به مقاعد السلطة الجديدة بدلأً من تسخير الجهود وتسخير الخطابات نحو توحيد الصف والحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه للشعب الجنوبي وحده لا سواه . ونرى قادة الخارج يتردوون ألف مرة قبل أي خطوة وأي تصريح. تارة خوفاً على حرق مبادراتهم في الداخل المتشبع بخطابات المزايدات وتارة لعدم قدرتهم على إستقراء الخارج أو الإعتماد عليه بشكل حقيقي.
فهل يعي الجميع أنهم اليوم امام تحدي صعب وواقع يريد ان يعمم سياسة الفوضى الخلاقة التي اتبعها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ، فسقط مشروعه في وحل الافغنة والعرقنة .. ونتمنى أن يعي الجميع بأن الفوضى الخلاقة التي يراهن عليها نظام الرئيس اليمني علي عبدالله ويخيف بها الداخل والخارج ستنتهي لا محالة الى الصوملة إن استمروا أن يكونوا خصوما أغبياء امام نظام ليس بذكي بل يستمد استمراره من غباء خصومه إن قبلوا أن يستمروا تائهين دون تحديد الاولويات .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|