الأسعاء
المـديـر العـــام
عدد الرسائل : 1199
المزاج : احترام قوانيين المنتدى
تاريخ التسجيل : 28/03/2008
 | | تهويد القدس ويمننة الجنوب | |
 الأسعاء / قاسم الجبيري
مما لا شك فيه أن أي ( إنسان ) عربي عندما يسمع كلمة فلسطين سيجد خواطره سرعان ما تنطلق باتجاه القدس و تاريخه العربي العظيم بكافة مراحله وقلبه يعتصر آلما" لما حل بتلك المدينة منذ نكبة 48م والى يومنا هذا ‘وما يزيد من هذا الألم الموجع والذي يدمي كل قلب عربي نابض بالحرية هو ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي و بهمجية ووحشية تجاه القدس وهويته العربية والإسلامية بدون أدنى خجل أو استحيا من الضمير الإنساني ..
انفق الاحتلال الإسرائيلي خلال العشر السنوات الأخيرة مبلغ سبعة عشر مليار دولار من اجل ( تهويد القدس ) وتمثل ذلك التهويد في هدم المنازل لفلسطينية ذات الهوية العربية و الإسلامية وبناء المستوطنات لليهود وتغيير أسماء الشوارع والأحيا والمدارس في القدس والقرى المجاورة له بل وكل ما يدل على الهوية العربية للقدس إلى أسماء عبرية يهودية . فهوية القدس هي من أكثر القضايا تعقيدا" في الصراع العربي الإسرائيلي .
بنفس تلك الهمجية الإسرائيلية ( تهويد القدس ) تعرضت وما زالت تتعرض هوية الجنوب العربي لهجمات من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة ( يمننة الجنوب ) ولكن بأكثر وحشية وهمجية و مجردة من احترام هوية الإنسان الجنوبي المتمثلة في تاريخه وتراثه العريق بكافة تنوعاته .
وقد كانت هذه الهجمات على ثلاث مراحل متتالية تختلف فيما بينها من حيث الأسلوب والمسميات التي تتم تحتها يمننة الجنوب بحسب التغيرات المحلية والإقليمية والدولية .
المرحلة الأولى :-
كانت بدايات المرحلة الأولى مع انطلاق فجر ثورة 14 أكتوبر من العام 63م وحينها كان اليمن قد تحرر ( عام 62م ) من حكم الإمامة وقيام الجمهورية العربية اليمنية و كان لها علاقة قوية مع حركة القوميين العرب في مصر والتي كان يقودها عبد الناصر وقد تدعمت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، والهدف الرئيسي من هذه الروابط الوثيقة التي كان يقودها عبد الناصر إلى التحرر من الاستعمار الأجنبي وكذلك من ملوك وسلاطين ومشايخ العرب بمختلف مستوياتهم الذي يرون إن وجودهم عائق إمام إقامة الدولة العربية الموحدة من المحيط إلى الخليج .
كل تلك الظروف هيئة لوجود ( الجبهة القومية ) في الجنوب العربي حيث اجتذبت الكثير من الشباب التواق للتحرر من الاستعمار البريطاني الذي دام 129 عاما" وبحكم تلك الأهداف كانت الجبهة القومية في الجنوب تضم في صفوفها وقياداتها العليا من أبناء اليمن والذين تبوئوا مناصب علياء لاحقا في الجنوب وكانت تتلقى هذه القيادات تعليماتها من القاهرة ومن القاهرة يتم إدارتها ورسم سياساتها وكل ذلك كان عبر قنوات يمنية .
أهم تلك السياسات إطلاق اسم ( جنوب اليمن ) على الجنوب العربي .
وكانت إذاعة صوت العرب من القاهرة التابعة للقوميين أول من أطلق تلك التسمية على الجنوب العربي وذلك أثناء نقلها لأخبار ثورة 14 أكتوبر .
حيث شكلت تلك التسمية هدف استراتيجي عند القوميين العرب من اجل توحيد الجنوب مع اليمن تمهيدا" لإقامة وحدتهم العربية وذلك بعد استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني مباشرة" لأنه في حال بقاء الجنوب العربي محتفظ بهويته بعيدا" عن الهوية اليمنية سيشكل ذلك عائق كبير إمام الوحدة العربية . فالوحدة بين الجنوب واليمن بعقول القوميين هي بوابة إسقاط الأنظمة الملكية في الجزيرة العربية من اجل تحقيق الوحدة العربية ..
في هذه المرحلة ارتضى الجنوبيين بلبس ثوب اليمن ليس من اجل اليمن نفسه وإنما من اجل الوحدة العربية . كما ابتهج اليمنيين بتلك التسمية ولكن ليس من اجل الوحدة العربية أو حتى من اجل يمننة الإنسان الجنوبي بل من اجل السيطرة على الأرض والثروة إما الإنسان الجنوبي فهو في نظرهم بقايا أحباش وهنود وصومال والبعض قدم من اندونيسيا .... الخ .
المرحلة الثانية :-
قادها الحزب الاشتراكي اليمني منذ إن أسسه عبد الفتاح إسماعيل في 78 م وهو يمني وليس جنوبي وكان زعيما" للجبهة القومية في عدن واستمر هذا الحزب في ( يمننة الجنوب ) عن طريق التخلص من القيادات الجنوبية التي أدركت باستحالة مشروع الوحدة بعد سقوط مشروع القوميين وفشل الوحدة المصرية السورية ووفاة عبد الناصر والنجاح الاقتصادي الذي حققته الأنظمة العربية المضادة للقومية بالإضافة للفوارق الكبيرة بين البلدين .
الحزب الاشتراكي كان حريصا" من خلال أعضاءه اليمنيين على عدم بناء دولة الجنوب فقد حاربوا الانفتاح الاقتصادي والسياسي على الأشقاء العرب والجيران والمجتمع الدولي بل وحرصوا على التخلص من كل القيادات الجنوبية التي كانت تصر على ضرورة الانفتاح والتغيير والأخطر من هذا كله هو شقهم للصف الجنوبي وإشعال الفتن والحروب بين الجنوبيين لكي تسهل مهمتهم .
لم تكتفي تلك الجواسيس اليمنية بما ألحقته بشعب الجنوب من كوارث سياسية واجتماعية وتشويه صورة دولة الجنوب فقد استمرت بالتآمر مع نظام صنعاء للتخلص من القيادات الجنوبية التي عارضة الوحدة أو حتى فكرتها كي لا يشكلون عقبة إمام أي مشروع للوحدة بالمستقبل ..
المرحلة الثالثة :- ( وهي جوهر هذا المقال )
شكل يوم ( 7 – 7 – 1994م ) بداية انكشاف الوجه القبيح لسلطة صنعاء ومؤامراتها ضد شعب الجنوب وتاريخه من اجل السيطرة على الأرض والثروة عن طريق ( يمننة الجنوب ) ويعتقدون بان هذا يبرر قاعدتهم المزعومة ( عودة الفرع للأصل ) وهي في حقيقة الأمر لا تختلف عن القاعدة الإسرائيلية ( وجود هيكل سليمان تحت الحرم القدسي ) والتي من خلالها يسعى الاحتلال الإسرائيلي لإقناع العالم بان القدس يهودية وإنها عاصمتهم الأبدية . وبأكثر من همجية إسرائيل في فرض هويتها على القدس عمل اللوبي اليمني على فرض هويته اليمنية ديمغرافيا على كافة مدن الجنوب حتى أصبحت عدن لا تختلف عن ذمار أو عمران أو حجة من حيث الشكل المعماري والمظاهر اليومية .
فأسماء الشوارع والمدارس والمستشفيات وحتى المعسكرات لم تعد جنوبية بعد إن أطلق عليها المحتل أسماء ليس لها أي ارتباط بتلك التي كانت عليه قبل احتلال الجنوب والتي ترتبط بتاريخ الجنوب وكذلك المساجد لم تعد جنوبية بعد إن هدم الاحتلال كل المساجد التاريخية وعاد بنائها بشكل معماري يمني بحت .
كما استقدم ( الحجار والقمريات ) المستخدمة في إنشاء المباني الحكومية من اليمن لفرض هويتهم اليمنية على الجنوب فعندما ترى تلك المباني اليمنية ( النشاز ) على الأقل في نظرنا والتي تنتشر في مدن عدن وحضرموت والتي اشتهرت على مر العصور بمبانيها المميزة في الطراز منها شبام التي اشتهرت مبانيها بأقدم ناطحات سحاب في العالم وذات الهوية الحضرمية العريقة وكذلك في شبوة التي احتضنه عواصم أقدم المملكات والدول في الجزيرة العربية . فانك ستفهم معنى ( يمننة الجنوب ) ولكي يفهم كل جنوبي وكل عربي ذلك المعنى بشكله الحقيقي عليه ربط القدس بالجنوب فيجدها لا تختلف سوى بالأسماء .. فهل يجد مبررات لتغيير اسم تلفزيون عدن وهو أقدم تلفزيون في جزيرة العرب ومن أقدم تلفزيونات الشرق الأوسط إلى قناة 22 مايو ومن ثم قناة يمانية وأيضا" هل يجد مبرر لتهميشه ثورة 14 أكتوبر وإغلاق المتاحف التي تحتوي على تاريخها بل وتحويل بعضها إلى مطابخ ( للكدم) مثل متحف ردفان التي انطلقت من جبالها ثورة أكتوبر.. بالإضافة إلى تقاعس نظام الاحتلال من إعادة ترميم قرى حضرموت التاريخية التي دمرتها السيول وعزم مؤخرا على بناء مجمعات سكنية جديدة والتي بالتأكيد ستكون بنفس الشكل المعماري اليمني وليس الحضرمي . ؟؟
وإذا كان كل ما سبق غير كافي لفهم يمننة الجنوب فأعتقد إن البرنامج الانتخابي لرئيس الاحتلال ولحزبه الحاكم والذي تضمنا" بناء ثلاثين آلف وحدة سكنية في الجنوب . والتي تهدف بطبيعة الحال إلى تغيير التركيبة السكانية باستقدام مستوطنين لها من الشمال مثلما تفعل إسرائيل ببناء مستوطناته االجديدة في القدس لهو ابسط وأسهل مثال للفهم و أكبر دليل على صواب وصفنا للحالتين الجنوبية والفلسطينية ؟؟
والمفارقات بين تهويد القدس ويمننة الجنوب تبقى فقط إن تهويد القدس تتم بمباركة أمريكية أوروبية و تنديدا" واستنكار عربي وإسلامي .
بينما يمننة الجنوب تتم بمباركة الجميع ،، فهل سيباركها الشعب الجنوبي هو الآخر آم سيستمر بثورته ويوجه للعالم رسالة قوية مفادها
و أن
‘‘ إرادة الشعوب لا تقهر ‘‘ .
‘‘ لا ليمننة الجنوب ‘‘
| |
|
