في الذكرى العاشرة لرحيله , المحضار .. بين الاعجاب والتكريم والعقوق والعصيان

في الذكرى العاشرة لرحيلة .. 5/فبراير/2010م

المحضار .. بين الأعجاب والتكريم والعقوق والعصيان

رياض عوض باشراحيل

لم يخدم حضرموت والحضارم والتراث والفن الغنائي الحضرمي في الداخل والخارج مبدع فنان كما خدمه المحضار والحقائق تشهد بذلك .. وللمحضار دين في عنق كل حضرمي لا ينكره إلا جاحد أو جاهل أو الاثنين معا ..

المحضار ظاهرة غنائية حضرمية , ومدرسة فنية فريدة ليست على المستوى الحضرمي او اليمني ولكنها مدرسة مستقلة لها مميزاتها وصفاتها وخصائصها على المستوى العربي .. أثرى المحضار حياتنا الفنية من خلال تراثه الحي الذي أبدعه وشكل الأعمال الخالدة في حياتنا الأدبية والفنية , جدد شعرنا وأغنيتنا تجديدا فنيا وموضوعيا حيث أدخل إلى الشعر الغنائي معاناة الناس وهمومهم من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعبر عن واقع العصر الذي عاش فيه , كما أضاف إلى تراثه الغنائي مصطلحات وألفاظ ورموز تناولها الشعراء من بعده وأضحت رموزا عامة في الشعر الغنائي كانت من البذرة الأولى لمصطلحات ورموز المحضار .

حضّر شاعرنا معاني الشعر وعبر عن مشاعر النفس الإنسانية العليا , وأذكى القيم الأصيلة , وسما بمعاني الحب النقي الطاهر وما يصاحبه من مشاعر الأشواق والحنين في شعره .. كما رفد تراثه الغنائي بذخيرة وافرة من الألحان العذبة التي أبدع جلها من مخزونه الفني واستقى بعضها من تراثه وأخرجها للناس بعد أن أضاف إليها نفحات من روحه العبقرية أحيا بها تلك الألحان وبث فيها الروح بعد ان كانت ميتة..

فانتشرت إبداعاته بين الناس وتغلغلت في نفوسهم وأصبحت جزء من مشاعرهم لأنها عبرت عن مكنوناتهم , وباحت بما لا يستطيعوا البوح به وجسدت حياتنا على مدى خمسين عاما , وأضحت أعمال المحضار للجماهير الحضرمية واليمنية زادا كالماء والهواء لا يمكن الاستغناء عنه , وللجماهير العربية جزء مهم من وجدانهم ومشاعرهم التي ساهم في تشكيلها من خلال أغنياته بأصوات عمالقة الفن في ساحة الغناء الخليجي و العربي .

فعندما يذكر المحضار – عليه رحمة الله – يحضر في عقولنا تاريخ هذا الشاعر الذي جسد صوت الإنسان في كل مكان بعواطفه وأحلامه , كما جسد أيضا صوت الوطن وهو جوهر الفن المحضاري الذي لم يستمد تألقه من إطار أحادي الاتجاه كالشعر مثلا او اللحن او الأغنية او القصايد المطولة او الرباعيات أو جلسات الارتجال كما في الدان او الغياضي او الهبيش او الزامل , ولا من الاوبريتات او المسرحيات الشعرية او المنلوجات أو الاسكتشات الغنائية او ..... غيرها , ولكنه استمد تألقه من كل تلك القوالب والأشكال الفنية المتعددة والتي أبدع فيها ايما إبداع .. هذا غيض من فيض , وبكل ذلك وغير ذلك أضحى المحضار كالشمس التي تطفئ الأقمار والنجوم فأخمل بإبداعه شعراء عصره , كما أضحت له منزلة عالية في نفوس جمهوره لا تدانيها منزلة لشاعر او فنان آخر في زمنه .

فمن شيم الشعوب الحية إنها تجل رموزها الثقافية وكبار مبدعيها , وتهتم بالاحتفال بهم وتمجيدهم وإعطائهم حقهم من الاهتمام وذيوع الصيت جزاء ما قدموه لشعوبهم من تراث حي خالد يبقى على مر الزمن و ينتقل من جيل إلى جيل , وقد قرأت قبل نحو عامين قرار وزير التعليم البريطاني لجميع مدارس المملكة البريطانية الوقوف دقيقة حداد على الشاعر الانجليزي "شكسبير" في يوم رحيله وقراءة نبذة عن حياته في الطابور الصباحي للمدارس .. لتعلم الأجيال الصاعدة منزلة مبدعيهم الصادقين وعبقرياتهم الفنية التي لا تقل مقاما ورفعة عن عبقرياتهم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها .

وكم نحن نقف على النقيض من تلك الأمم , فيأتي مننا من لا يعرف عن المحضار إلا اسمه وسعة ذكره ولا يعرف عن إبداعه شيئا يذكر ليقذف بالأحكام التي يتهيب في بثها الحصيف اللبيب كأن يقول : (( تراث المحضار في المساجلات ركيك وضعيف و...... )) حكم عام أصدره من لم يطلع على ابداع الرجل كاملا ولا أغلبه ولا حتى القليل منه ؟؟ حكم يصدره أحيانا من لا يستطيع الحكم على قيمة بيت شعري واحد وليس قصيدة ؟؟.. وكذلك من يأتي بكل جرأة وشموخ ويقول : (( باشل حبك معاي بلقيه زادي ... هذا البيت مكسور وزنا ..)) , ثم يعترف بعد ذلك ويقول انه لم يسمع هذه الأغنية , وأنه لا يعرفها , وانه لم يطلع على دواوين المحضار .. وهذه الأغنية يحفظها في حضرموت الكبار بل والعجائز الذين شاخت ذاكرتهم , فيذا حركت الشيخ او العجوز الحضرمي بجزء في بيت من هذه القصيدة فأنا اجزم انه سيكمله لك البيت ويأتي بما بعده , كما يحفظها أيضا الأطفال ولا يوجد من لا يعرفها في جزيرة العرب لكثرة من غنوها من المطربين الخليجيين , حتى ان سمو الأمير الشاعر عبدالله الفيصل -عليه رحمة الله- الذي غنت له أم كلثوم , في حوار صحفي معه وهو على قيد الحياة سأله إعلامي عن القصيدة التي يحبها وتمنى ان يكون هو قالها فأجاب : (باشل حبك معي بلقيه زادي ) . هكذا الناس تقدر الإبداع والمبدعين . إذن الحضرمي الذي أصدر الحكم أساسا لا يعرف شيئا عن المحضار ولا عن فنه الا القليل , وغيره من غير الحضارم يعرفون عن هذا العملاق الحضرمي أكثر منه ..
فكيف التجاسر والتعالي بإصدار مثل هذه الأحكام يا أحباب ؟؟ ..

نحن هنا في منتدى الاسعاء نشعر ان علينا واجب المصارحة فيما بيننا لخدمة تراثنا وفننا , أنا لم ادون الملاحظات التي آثرت ذكرها بهدف الاساءة لأحد ولا التشهير او التأنيب لأي كان . كلا وألف كلا ولكن الهدف هو العبرة والفائدة لنا جميعا من تلك الشواهد لنتجنب في المستقبل ماقد يطرأ من مواقف مشابهه , ان هدفي في المقام الاول والاخير هو توعية انفسنا والاصلاح .. اما هؤلاء الرموز فلهم واجب مصان في ذممنا وحق علينا مراعاته , كما ان علينا واجب الإدراك والوعي والاهتمام بتبجيل واحترام وصيانة حرمة مبدعينا , وعدم التطاول عليهم بما لا يليق من الأقوال والعبارات والأحكام , هؤلاء رموز وأعلام واساتذه ونحن تلاميذ فهل يجوز للتلميذ أن يقيّم وينقد الأستاذ ؟؟ , ثم إننا لا نعرف عن أساتذتنا إلا القليل فلا نغطي عجزنا في فهم إبداعاتهم الكبيرة بالتطاول عليهم بتخطئتهم وإبراز بعض الصفات السلبية التي ربما هي في فهمنا لأبداعهم وقراءتنا له وليس فيهم او في ابداعهم وبالتالي إلصاق العيوب بهم ظلما وبهتانا وعدوانا !! .. فيأتي من بعدنا من يأخذ هذه التعابير السوداء ويهتبل الأحكام الظالمة الجائرة جاهزة ويعكسها في حديثه عن مبدعينا ورموزنا , وينتقص منهم بها .. فهل نرضى بذلك ؟؟

أتمنى أن نحسن الظن في صناع ثقافتنا ورموزنا كالمحضار وحداد بن حسن وابن شهاب والبار والمفلحي وابن عون وغيرهم كثير .. هؤلاء حملوا على كواهلهم تجارب الشعراء الحضارمة عبر التاريخ , وهم قدوة متجددة في إرادة التأصيل والتحديث , وعلامات مضيئة في دروب الإبداع الحضرمي واليمني لا تستحق منا العقوق والعصيان بقدر ما تستحق التكريم والإشادة والإعجاب والتقدير .

أستاذنا العزيز :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

نحييك تحيةً مفعمة بالحب والوداد والوفاء الصادق الذي يحمله قلبك الكبير تجاه صناع ثقافتنا ورموزنا كالمحضار وحداد بن حسن وابن شهاب والبار والمفلحي وابن عون وغيرهم كثير . نعم .. فهم كثير .
ونعم .. نحن هنا في منتدى الاسعاء نشعر ان علينا واجب المصارحة فيما بيننا لخدمة تراثنا وفننا .
أشكرك من أعماق قلبي على هذه اللفتة الكريمة التي حوتها أسطر مقالك الأكثر من رائع .
وكم يحز في أنفسنا ونحن قادمون على مشارف الذكرى اليوبيلة الأولى على رحيل شاعرنا الفذ حسين أبوبكر المحضار ، هذا الفتور من قبل الجهات المعنية بالأمر في أحياء ذكراه الغالي على قلب كل شحري وكل محب له ولفنه ، كنت أتوقع أن تلاقي الذكرى العاشرة زخم أكبر من المألوف في الأحتفالات السابقة والتى كانت تقصر على زيارة ضريحة وسهرة على خشبة مسرح ساحة الشحر العامة .
رحمك الله ياأبى محضار رحمة الأبرار واسكنك جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ، سوف تضل خالداً في قلوبنا .
أكرر شكري لك أستاذي القدير رياض وإنا متشوقون للمزيد من مقالات الرائعة ودمت بوووود.

الشكر الجزيل لك أخي المدير العام لمرورك الكريم بالموضوع وتعقيبك العاطر وبصمتك المميزة بتعقيبك الذي أضاف للموضوع الكثير ..

ونحن في انتظار ما ستسفر عنه جهود أخوتنا في سعاد لإحياء ذكرى خالد الذكر شاعرنا الكبير حسين ابوبكر المحضار -عليه رحمة الله -..

وتقبل فائق شكري وتقديري .

أخي العزيز رياض تعجز اللسان عن التعبير في شخصك الكريم وكلمة شكر قليلة في حقك فأنت تستحق كل خير على ماتبدله من جهد ملموس سطره قلمك المتميز .
للأسف لقد وصلت إلى سعاد الحب والوفاء العاطر مساء يوم الأحد الماضي وكلي شوق ونشاط وفضلت مترقب ومنتظر ماذا سوف تقدمة ويقدمه أبناء سعاد الحنون لشاعره الذي حبهم وحب مدينتهم حب عذري لم يعرفه الكون ولا تعرفه القلوب المحبة من قبل .
للآسف ياخي فضلت متأمل والعين تقطر حسرة وتندم على ماحل بسعاد وبأبناءها من تقاعص وخذلان .
لقد تم أحياء الذكرى في المكلا الذي تبنته أدارة الثقافة وأتحاد الأدباء ولم تقم في الشحر أي فعالية بالمناسبة كأن المحضار لا يعني سعاد بشي بته .
أتمنى لك العافيه وطولة العمر يابوعوض ودمت محباً وفياً لأبى محضار وفنه العاطر

» الجزء الثامن من الحفل الفني لمهرجان المحضار الـ11 الوحة الغنائية وطن الحب عند المحضار 1
» الجزء التاسع من الحفل الفني لمهرجان المحضار الـ11 الوحة الغنائية وطن الحب عند المحضار 2
» سقوط شهيد في مدينة تريم والعصيان يشل حضرموت وشبوة وابين والمهرة(تقرير)
» الايام هي الاجدر برد الاعتبار والتكريم ( بقلم : سالم لعور )
» كل شي ضائع ومهمل في الشحر ( الحلقة العاشرة )