الأسعاء المـديـر العـــام
عدد الرسائل : 1199 المزاج : احترام قوانيين المنتدى تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| | رسالة إلى عمرو موسى ( بقلم : محمد أحمد البيضاني ) | |
زار اليمن سعادة السيد عمرو موسى – أمين عام الجامعة العربية للنظر في قضية شعب الجنوب العربي حول موضوع الوحدة اليمنية ، وقبل الدخول في هذا الموضوع نحب أن نعرف عن كلمة "الكراني" التي يعرف الكثير منا إنها توجد في قاموس اللهجة العدنية ، والإستعمال العام لهذة الكلمة ليست للسخرية ولكن للمعنى الشامل لهذة الكلمة .
البعض كان يعتقد إن مصدر الكلمة هي من اللغة الهندية ، أو التركية المتواجدة في اللهجة العدنية ، ولكن أخبرني صديق إن الكلمة قد وردت في الكتاب التاريخي عن عدن ومؤلفه أبن المجاور حيث ذكرها بالنص .. كراني ميناء عدن ، وكلنا يعرف معنى الكلمة التي تعني الكاتب .. وتعريفها باللغة الإنجليزية Clerk ، وفي اللهجة المصرية المحببة باشكاتب .الرأي العام السائد قد عرف الكراني هو الموظف الذي يؤدي واجبه المهنى بالتفصيل وبحذافيره حسب النص الدائم دون أي تغير أو تفكير أو إبداع ، وكان يوصف حسب قولهم هو إن الكراني الهندي أيام الإستعمار البريطاني للهند كما وصفه بعض ظرفاء الإنجليز في الإدارة البريطانية بأنه رئيس كتبة هندي – Indian Chief Clerk ، فدخلت هذة الكلمة كمثل في التاريخ ، هذا المعنى الذي يقصد على إداء العمل بشكل روتيني دقيق يفتقد إلى التغير الخلاق والنظرة الشاملة والإبداع إلى الأحسن . وبكل الإحترام والتقدير .. لقد عالج سعادة الأمين العام للجامعة العربية موضوع ما يجري في اليمن .. عالج هذا الأمر التاريخي الخطير .. بطريقة الكراني .
يا سيدي الكريم .. بكل الإحترام و التقدير ، كان الأجدى والأحسن إرسال وفد محايد من مندوبي الجامعة العربية يشكل " لجنة تقصي الحقائق " في المنطقة ، حيث ستكون للوفد نظرة ميدانية صادقة وشاملة إلى كل ما يجري في اليمن ، ستكون هناك عدة أراء وتصورات وحقائق حول هذا الموضوع ، بعدها سوف تقدم لسعادتكم للنظر حول هذة المشكلة ، وعلى ضوء حقائق تلك الآراء والمفاهيم يمكن الوصول إلى الحل العادل لقضية الناس ، كان من المفروض زيارة كل المناطق التي حدث فيها التوتر والقتال والمظاهرات ، وزيارة السياسيين في السجون والمعتقلات ومقابلة كافة القوى السياسية في داخل البلاد ، وأيضآ مقابلة كل الزعماء السياسيين التاريخيين في الخارج أصحاب الشأن في هذة القضية . يا سيدي الكريم .. كان من المفروض إحضار لجنة طبية من الجامعة العربية لزيارة المستشفيات ورؤية الجرحى ومعرفة عدد القتلى من جراء أحداث العنف وإطلاق النار من قبل السلطة الحاكمة ، يا سيدي الكريم .. كان من المفروض إعداد بيان مكتوب تُشرح فية هذة القضية الهامة التي تخص شعب الجنوب العربي ، وليست زيارة شخصية روتينية سريعة ، وتصريح بسيط ومسكن عام من سعادتكم تقولون فيه :" إن صالح " متحمس " لمقابلة جميع الأطراف السياسية في الداخل والخارج ". و كأن القضية تبدو إن صالح قد أعطى شعب الجنوب العربي هدية وحسنة وهي عبارة عن " تحمسه " .. إن صالح ليس متحمس ، بل أنه " متلمس " يبحث عن طريقه في الظلام الذي زرعه في اليمن ، وسيتكلم مع جميع الأطراف على أساس أن يحكم اليمن إلى الأبد .
سيدي الكريم .. سوف أسرد هذة الحادثة التاريخية في أعظم حدث في تاريخ الجنوب العربي ، وتشاء الأقدار أن أكون حاضرآ وشاهدآ على ما حدث . في عام 1962 كنت ضابطآ في شرطة عدن البريطانية و حين إندلاع الثورة في عدن تمكنت أن أطلع على كثير من الأحداث و في سير العمليات في شوارع عدن ، ومنها هذا الحدث التاريخي والأخير في قصة كفاح أبناء الجنوب العربي لنيل الإستقلال . من 2 إلى 7 أبريل 1967 أرسلت الأمم المتحدة لجنة تقصي الحقائق إلى الجنوب العربي المطالب لنيل الإستقلال عن بريطانيا ، جاءت اللجنة إلى عدن وشاء الحظ أن أكون أحد ضباط الأمن المرافقين للوفد الدولي ، لم يحضر الأمين العام للأمم المتحدة إلى عدن ، ولكنه أرسل لجنة ميدانية لتقصي الحقائق عن شعب يطالب بالحرية والإستقلال ، قابلت اللجنة الدولية كل الأطراف السياسية في عدن ، وقامت بزيارة سجن المنصورة في الشيخ عثمان لتقابل المعتقلين السياسيين ، وزارت أيضا معتقل " رأس مربط " الشهير في مدينة التواهي ، وقابلت اللجنة رؤوساء كل الصحف في عدن ، ولم تقابل المسئولين البريطانيين ، قابلت أهل الشأن والبلاد ثوار الجنوب العربي .. ولم تقابل أهل الأمر السلطات البريطانية ، كان هذا قمة العمل الحضاري والسياسي الصحيح والعادل ، وكتبت تقرير مفصل عن هذة القضية .. ثم كانت الحقيقة التاريخية العادلة .. أوصت اللجنة بإعطاء الإستقلال لشعب الجنوب العربي .
يا سيدي الكريم .. جاءت لجنة تقصي الحقائق للأمم المتحدة إلى عدن في 2 أبريل 1967 ، ومعها خطة عمل ، وكانت لديهم معلومات كاملة عن كل الأطراف وعن القضية ، لم يوضع لهم أي برنامج مسبق ، لقد صنعوا البرنامج في مكاتبهم في الأمم المتحدة ، ولم يقبلوا دعوة عشاء أو غداء من أي طرف ، ولم يتلقوا أي هدايا تذكارية أو نزهات سياحية ولكن عملوا طوال الوقت من أجل الغرض النبيل الذي جاؤوا من أجله ، وسجلوا كل المعلومات عن كل الأطراف ، والغريب في الأمر كان لديهم بعض أسماء أرادوا أن يقابلوها على إنفراد ، كيف حدث ذلك ؟ .. إنها عبقرية العمل السياسي المنظم ، وبكل شجاعة وإخلاص أتهموا السلطات البريطانية في عدن بعدم التعاون مع اللجنة الدولية ، وردت السلطات البريطانية على ذلك إن لجنة تقصي الحقائق الدولية لم تتصل بالسلطات البريطانية في عدن .. قمة في الحضارة والعمل السياسي الخلاق وحق الشعوب في تقرير المصير ، ويمكن الرجوع بكل بساطة إلى ما نقول من سجلات الأمم المتحدة عن موضوع لجنة تقصي الحقائق الدولية عام 1967 .
سيدي الكريم .. سعادة الأمين العام للجامعة العربية .. قبل أن أختتم رسالتي إليكم أود هنا أن أشير إلى هذا الحدث الرباني العظيم حين زيارة لجنة تقصي الحقائق للأمم المتحدة هطلت على عدن أمطار غزيرة لم تحدث منذ 70 سنة ، ونزلت السيول العظيمة من جبال عدن ، وأمتلئت صهارج عدن الضخمة بالمياه وغرقت الشوارع ، ونظر الوفد الدولي بأ ندهاش غريب إلى تلك السيول ، فتسألوا عن سببها ؟ .. قلنا لهم ، إنها سيول عدن تتحدث عن نفسها . يا سيدي الكريم .. هل أنتم أيضآ تنتظرون قدوم السيول .. سيول عدن ، متى ستنظرون إلى قضية شعب الجنوب العربي .. متى ستتحدثون إلى شعب الجنوب العربي .. أهل البلاد في هذة القضية العادلة ، كما تحدثت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في 2 أبريل 1967 إلى شعب الجنوب العربي .. فجاءت السيول .. سيول عدن .. ونال شعب الجنوب العربي الحرية و الإستقلال .
سيدي الكريم .. صاحب السعادة .. أمين عام الجامعة العربية .. لكم كل الإحترام والتقدير .
كوبنهاجن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|