العلامة القاضي عبدالقادر بن محمد العماري.. من علماء الشحر تبوأ منصب نائب رئيس محكمة الاستئناف في دولة قطر ويحمل عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وكان له دور بارز في الإصلاح والأمر بالمعروف في مدينة الشحر وقيامه بأمر تجديد بناء الجامع الشهيرمتابعات بلا ريش>«الأيام» صلاح العماري:كثيرة هي العقول اليمنية التي هاجرت ووضعت بصمات خارج الحدود.. ونحن اليوم نتحدث عن شخصية استطاعت أن تنجح بامتياز في دول الخليج، كما فعل الحضارمة في جميع دول اغترابهم، بل ووصل العلامة الفقية القاضي عبدالقادر بن محمد العماري، موضوع حديثنا اليوم، إلى عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وتبوأ المناصب الكبيرة في دولة قطر آخرها نائب رئيس محكمة الاستئناف ويعد أحد مفتي قطر الشقيقة، ويلقي اهتماماً خاصاً من الأشقاء القطريين.
والعلامة القاضي عبدالقادر العماري من أبناء مدينة الشحر بمحافظة حضرموت اشتغل بالقضاء فيها وفي عدد من مدن حضرموت، ثم هاجر إلى دولة قطر وأصبح من أشهر القضاة فيها.
اسمه: هو
عبدالقادر بن محمد بن عمر بن سالم بن سعيد العماري.مولده: ولد في سنة خمس وثلاثين بعد التسعمائة والألف من الميلاد (1935م) في مدينة الشحر. يقول الأستاذ والباحث عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي عن مدينة الشحر:«تعني لفظة الشحر في اللغة كما تشرحها القواميس العربية ومنها قاموس صبح الأعشى بساحل اليمن»، ويرى بعض الباحثين ومنهم الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف، أن الشحر جمع مفردة شُحرة (بضم الشين) لمسقط مياه السيل ومجراه برؤوس الوديان. حدود الشحر معرفة بكتب التاريخ على أنها تمتد من بئر علي حالياً غرباً إلى ظفار وريبوت بمسقط سلطنة عمان حالياً شرقاً. هكذا عرفه اللغويون والجغرافيون العرب وعلى نقطة من أرضية هذا الموقع الجغرافي، حدد الجغرافي الروماني - بطليموس- في مطلع القرن الثاني الميلادي موقع مدينة أطلق عليها (مركز الأسعاء) والأسعاء كما عرفه الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب»، إقليم واسع يقع بين إقليم المهرة اليوم - ومدينة الشحر الحالية وما يليها غرباً، وقد عرفه المؤرخ اليمني الهمداني بأنه مخلاف أبي ثور عمر بن محمد المنسوب إلى بني قصيف من بني تبلة من ثعين المهريين، في زمنه القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي والمعروف اليوم بإقليم المشقاص.
تقع مدينة (الأسعاء) حيث أقيمت مدينة الشحر اليوم على شاطئ البحر وعلى خط طول 14 درجة و44 دقيقة شمالاً.. و49درجة و34 دقيقة شرقاً. ورثت نشاطها التجاري كميناء بارز على الشاطئ العربي الجنوبي بعيد سقوط ميناء قنا - ميناء مملكة حضرموت التاريخي - تحت حكم الحميريين وتكوين مملكة اتحاد سبأ وذي ريدان وحضرموت في منتصف القرن الرابع الميلادي. والده: هو العلامة القاضي محمد بن عمر العماري رحمه الله، كان من أبرز العلماء والقضاة في حضرموت، درس على نخبة من العلماء والفقهاء وتخرج في رباط سيئون، واشتغل بالقضاء والتدريس والخطابة والتأليف ، وله بعض المؤلفات منها ما هو مطبوع، ولد بمدينة الشحر سنة 1302هـ.
وقد تولى القاضي محمد بن عمر العماري رحمه الله القضاء في مدينة الشحر سنة 1337هـ وتولى القضاء في المشقاص سنة 1357هـ ثم تولى قضاء الديس الشرقية على مدى اثني عشر عاماً ووافته المنية في 22 صفر من عام 1391هـ.
من أبرز أشقائه: الشيخ علي بن محمد العماري رحمه الله، المولود سنة 1916م، والمتوفى في 21/10/2007م عن عمر ناهز الـ91 عاماً، كان أحد رواد المجالس المحلية في محافظة حضرموت إبان السلطنة القعيطية، ومن الشخصيات التي تبوأت إدارة بعض مديريات المحافظة، حيث عمل رحمه الله، نائباً وممثلاً للسلطنة في مدن القطن وغيل باوزير ودمون وشبام وحورة ودوعن، وعُين عام 1953م قائماً في مدينة القطن ومشرفاً عليها ورئيساً للمجلس البلدي فيها.
تلقيه للعلم: تلقى القاضي عبدالقادر بن محمد العماري العلوم الشرعية عن والده رحمه الله، وكان من العلماء ، وأخذ عنه الفقه الإسلامي وعلوم اللغة العربية.
ولازم العلماء المتخصصين في العلوم الشرعية، ودرس في رباط غيل باوزير وتخرج فيه، وكان من أبرز من أخذ عنهم العلم: العلامة الشيخ السيد محسن جعفر بونمي والشيخ العلامة أحمد باغوزة والشيخ العلامة عبدالله بن عوض بكير وغيرهم من الفضلاء رحمهم الله أجمعين.
كما أنه درس في كلية الحقوق- قسم الشريعة - بجامعة الخرطوم وتخرج فيها سنة سبع وخمسين بعد التسعمائة والألف من الميلاد 1957م، وكان من أبرز من درس عليهم في السودان: الشيخ علي حسب الله (مصري) والشيخ أحمد الغندور (مصري) والشيخ الصديق (سوداني)، ولما سافر إلى قطر تلقى عن علمائها ومنهم: العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله والعلامة الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي رحمه الله. الأعمال التي شغلها: اشتغل بالقضاء الشرعي في الشحر والمكلا وغيرها بحضرموت في عهد السلطنة القعيطية وبداية عهد الثورة وكان معروفاً بالعدل والوقوف أمام الظلم. من آثاره الحسنة في مدينة الشحر: ولي الشيخ عبدالقادر العماري منصب القضاء في مدينة الشحر وكان له دور بارز في الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد المظالم والوقوف أمام الظالم وفعل الخير، ومن آثاره القيام بأمر تجديد بناء مسجد الجامع الشهير بالشحر (الواقع قرب البحر)، فقد قام هو وبعض المسؤولين وأهل الخير بجمع التبرعات من الداخل والخارج والحث على ذلك وتمت إعادة بنائه بعد هدمه.
الجامع الكبير في الشحر ويسجل التاريخ أن أول مسجد أسس في حضرموت في السنة العاشرة في الشحر وهو جامع الشحر قام ببنائه حكام الشحر من كندة وبقيت بنايته حتى عام 27 هـ جدد عمارته الشيخ محمد عبد العليم باصديق أحد تجار الشحر وفي عام 571هـ جدد عمارته الفقيه الشيخ عبدالله بن سعد بادفار الشحري وفي 782هـ جدد عمارته ووسع أروقته الأمير محمد أحمد بن الحاجب القضاعي وفي عام 846هـ جدد عمارته الفقيه المحدث الشيخ أحمد بن قضيمتي وفي عام 865هـ أوقف عليه الشيخ حسين عبدالرحمن بن سهل أربع فرد ماء بالمعيان بغيل باوزير ومن ثم جدد عمارته القاضي عبدالله بن محمد بن عبسين.
وتوسع أيضاً في عام 934هـ وفي عام 122هـ أعاد عمارته مع التوسعة السيد حسين بن محمد بن سهيل وقد أقام له منارة اشتهرت بالشحر بارتفاعها إلا أنها في عام 137هـ خيف عليها من الهدم لأنها من الطين فهدمت وفي 1385هـ أعيد بناؤه حديثاً تحت إشراف حاكم الشحر علي محفوظ بن بريك، وقاضيها الفقيه الشيخ عبدالقادر محمد العماري، ثم جددت آخر عمارة له وهي مازالت حتى الآن قائمة..ومن أعماله الخيرة أنه وأشقاءه تبرعوا بجزء من منزلهم الكائن بعقل باغريب بمدينة الشحر وهو المنزل الذي ترعرع فيه العلامة عبدالقادر بن محمد العماري، لصالح حلقات تحفيظ القران الكريم للنساء وأطلق عليه بيت الشيخ محمد العماري لحفظ القرآن الكريم.
منزل الشيخ العماري في الشحر علاقته بأول شهيد يمني في فلسطين: ارتبط الشيخ عبدالقادر بن محمد العماري بعلاقة وطيدة بالبطل اليمني الشهيد المناضل النقيب محمد سعيد باعباد وهو أول شهيد يمني تروي دماؤه الأرض الفلسطينية العربية المحتلة، استشهد عام 1970م أثناء تنفيذه مع مجموعة مسلحة من حركة فتح دورية استطلاعية على نهر الأردن وخاض بطلنا اليمني معارك شجاعة وضارية مع قوى الاحتلال الصهيوني حمل بعدها وسام الشرف وسقط شهيداً بعد أن مزق الرصاص جسده، ثم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه مدينة قصيعر وفيها ووري الجثمان عليه رحمة الله تعالى.
والعلاقة بين القاضي العماري والشهيد باعباد معروفة ومتجذرة انطلقت من اهتمام الطرفين بقضية الأمة العربية جمعاء وهي القضية الفلسطينية التي ظلا يدافعان عنها ويعتبرانها جزءا من همومهما، حتى أن الشيخ عبدالقادر العماري أطلق فتوى شهيرة له داعياً إلى عدم التنازل عن كلمة العدو الصهيوني وعدم إطلاق كلمة دولة إسرائيل في وسائل الإعلام العربية وهي مبادئ ظل يحملها في مختلف مشاركاته في فعاليات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما أنه هو من كتب كلمة أصدقاء الشهيد البطل محمد سعيد باعباد عقب استشهاده نعى فيها الشهيد البطل واستعرض فيها سيرة حياته وبطولاته وعلاقته المتفردة به وما تزال هذه الكلمة محفوظة في برواز أعلى الغرفة الرئيسة بمنزلهم بمدينة الشحر حتى يومنا هذا.
هجرته إلى دولة قطر: ثم هاجر إلى دولة قطر في سنة 1969م، وعين قاضياً في المحكمة الشرعية وتدرج بالمناصب حتى وصل إلى درجة نائب رئيس محكمة الاستئناف بالمحاكم الشرعية في دولة قطر، كما يحمل عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ويرتبط بعلاقة صداقة وعلاقة من نوع خاص مع فضيلة الشيخ الداعية الدكتور يوسف القرضاوي ويرافقه في جميع الندوات والمشاركات والمؤتمرات الإسلامية والفقهية في أرجاء المعمورة انطلاقاً من عضويتهما في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وله حضور ومشاركات في المجامع الفقهية، كما أنه يشغل عضواً في هيئة الرقابة الشرعية في مصرف قطر الإسلامي وبنك قطر الدولي الإسلامي.
وله كتابات وأبحاث ومقالات نشرت في مجلات وجرائد لدول عربية مختلفة، ولا يزال قلمه السيال يتحف بالمقالات والكتابات والأبحاث المختلفة التي يعالج فيها قضايا الواقع المعاصر من منظور شرعي كالمعاملات المصرفية وغيرها، كما أن له دوراً فعالاً في الكتابة عن قضايا الأمة الكبرى وصد هجمات الأعداء عنها، وله من قلمه حظ وافر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فهو قد جمع بين الأصالة - التي تتمثل في إلمامه بعلوم الشرع الحنيف- والمعاصرة التي تظهر في معرفته بالواقع والمشاركة في حل قضاياه.
مؤلفاته: له مجموعة من الأبحاث والمؤلفات، منها ماهو مطبوع، ومنها ما لم يطبع بعد، نذكر منها نخبة حسنة طبعت:
1- حوادث السير (بحث قدمه المؤلف في الدورة الثامنة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي، طبعة: مطابع الدوحة الحديثة المحدودة).
2- وسقطت الماركسية (طبعة: دار الثقافة - الدوحة، الطبعة الأولى: 1411هـ -1991م).
3- وأحل الله البيع وحرم الربا (بحوث في قضايا مصرفية، طبعة: مطابع الدوحة الحديثة المحدودة: 2005م).
4- الحق الإنساني والعنف الدولي (بحث قدمه المؤلف في الدورة الرابعة عشرة: 11/1/2003م - 16/1/2003م لمجلس مجمع الفقه الإسلامي، طبعة: جمعية الهلال الأحمر القطري، ضمن سلسلة: نحو ثقافة إنسانية: 5، الطبعة الأولى).
5- لن يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها (طبعة: مطابع قطر الوطنية).
6- بيع الوفاء والتورق والعينة (طبعة: مطابع الدوحة الحديثة المحدودة).
7- من أجل الإسلام (ردود على كتابات عدد من المؤلفين والكتاب، الناشر: دار الضياء - الأردن - عمَّان).
8- منحة الرحمة في شهر رمضان (ضمن سلسلة: نحو جيل إسلامي مثالي: 1، طبعة: دار البشائر الإسلامية- لبنان - بيروت، الطبعة الأولى: 1429هـ - 2008م).
ـــــــــــــــــ أنتهى النقل ، وارجوا من الأدارة نقله في عمود شخصيات وإعلام شحرية ـــــــــــــــــــــ