الإسلام والتصوف في التاريخ الحضرميمتابعات بلاريش>«الايام» عبدالقادر باراس:قبر النبي هود عليه السلامظل الحضارم محافظين على قيمهم الإسلامية، وانعكس ذلك من خلال المسحة الدينية في تعاملاتهم العامة، ومثلوا الإسلام بروابط قوية، حيث تمسكوا والتفوا حوله نظراً لطبيعتهم السمحاء، فكانت بلادهم من أوائل البلدان التي اعتنقت الإسلام طواعية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.. فمذهبهم وعقيدتهم سنية أشعرية .
وساهم الحضارم منذ فجر الإسلام بدور بارز حاملين راية الإسلام إلى البلدان التي افتتحوها، وكان الكثير منهم رواد في العصر الإسلامي الأول وعصر الخلافة الإسلامية، أبرزهم وأشهرهم شخصيات أعلنت إسلامها وترأست وفودها إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: وائل بن حجر الحضرمي ملك قبيلة حضرموت، والأشعث بن قيس الكندي ملك كندة، إضافة إلى السمط بن الأسود الكندي، وجعين التجيبي، ومعاوية بن خديج السكوني.عرفت حضرموت التصوف والمتصوفين منذ العهود الأولى للإسلام، وقد قدم إليها تحديدا من المغرب العربي عن طريق رجل الصوفية الكبير الشيخ أبي مدين التلمساني، وتطلق تسمية الصوفيين الحضارمة عند اهل العلم بـ« المدرسة التنويرية »، حيث يعقدون مجالس الذكر، ومنهجهم فكري وليس ما تسلط عليه بعض وسائل الإعلام من أمور وأفعال الدراوشة أو أصحاب الطواف على القبور، وإنما هم حفاظ ومحدثون وفقهاء متزودون بالعلم الذي يعنى بصلاح القلوب.
ويتميز فكرهم بخصو صية وفلسفة معينة تستمد أفكارها من الإمام الصوفي محمد بن محمد الغزالي.
ومن أهم الطرق الصوفية التي عرفتها حضرموت، القادرية والشاذلية والمغربية والرفاعية و«العلوية» التي جمعت ما بين الفكر السني والصوفي العام والشيعي العام.
وتعتبر مدينة تريم المعقل الروحي للصوفية الحضرمية، حيث نبغت واشتهرت فيها شخصيات صوفية رائدة تركت أثرها الكبير على المجتمع الحضرمي وفي بلدان العالم التي وفدوا إليها .
الزوايا والأربطة الدينية :لحضرموت زوايا وأربطة لتدريس علوم الشريعة والفقه وتحفيظ القرآن، وتكون إما ملحقة بالمسجد أو في أماكن أخرى غير المسجد، وتلك الزوايا والأربطة تختلف عن المدارس والمعاهد والكليات في أنها تتميز ببساطة التعليم وخلوه من عوامل التكليف والالتزام، فالمدرسون عادة لا ينتظرون مقابل لأعمالهم، ولازالت العديد منها تعمل بحيوية رغم تعاقب الأعوام عليها وتخرج منها العديد من العلماء والفقهاء.
أجداد العلويين الحضارم في السلسلة العلوية الأم :أشار كرامة مبارك سليمان بامؤمن، في كتابه ( الفكر والمجتمع في حضرموت ) في ذكره للمذاهب الشيعية وأجداد العلويين الحضارم في السلسلة العلوية الأم ، أن لجعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين الحسين بن علي بن أبي طالب ثلاثة أبناء هم: إسماعيل وموسى الكاظم والإمام علي العريضي، وقد أسس الأول والثاني المذهب الإسماعيلي، والموسوي على التوالي، إما الثالث هو الإمام علي العريضي، الجد الثاني للإمام المهاجر أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي الذي هاجر إلى حضرموت وتوفي عام 345هـ.
المعالم الروحانية في حضرموت :من مظاهر الحياة الروحانية في حضرموت زيارة الأضرحة وقبور الأولياء الصالحين على امتداد قرون عديدة، حيث تنظم هذه المزارات في أوقات محددة من كل عام، وأهم المناطق والأماكن التي تقام فيها هذه المزارات هي سيئون وشبام ووادي دوعن ومدينتا المكلا والشحر وبعض المناطق المحيطة، ومن أشهر هذه المزارات قبر النبي «هود» عليه السلام، الواقع في شرقي تريم، يأتيه الناس من داخل حضرموت ومحافظات اليمن وخارجها في شهر شعبان.
وتعتبر الزيارة لهذه المعالم تقليدا سنويا يقيمه الأهالي، حيث تلقى الموشحات والمواعظ الدينية والمدائح النبوية، وتشهد أثناء الزيارات حضورا كبيرا من قبل الناس، ترافقها حركة تجارية واسعة وتتخللها الرقصات والأهازيج الشعبية، وتكمن أهمية هذه الزيارات في التعبير عن جوانبها الدينية، لتتوافق مع الأعياد والمناسبات الإسلامية كعيد الثاني عشر من ربيع الأول ـ ميلاد الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ أو مع الاحتفال بـ«الست من شوال»، أو بمناسبة ذكرى وفاة أحد الأولياء الصالحين تخليدا لمكانته الروحية، وغالبا ما تقام الموالد كالزواج وميلاد طفل أو الختان أو مع نهاية حصد الزرع، أو العودة من السفر، أو الشفاء من المرض.