.شعب حضرموت أضاع الصدارة في صنعاء واشترى الخسارة في نزوى

في رحلة لا تمر في طريق البخور ..شعب حضرموت أضاع الصدارة في صنعاء واشترى الخسارة في نزوى

لم تكن رحلة فريق شعب حضرموت الى نزوى العمانية مجرد نزوة يمارسون فيها هواياتهم الرياضية ورغباتهم الكروية ..أويتمتعون بفوائد السفر السبع .. بل كانت رحلة الشقاء والمصاعب السبع .. المصاعب التي وصلت حد المصائب .. بدأت من المكلا حين تفاجأ أعضاء الفريق الكروي قبل يوم واحد من السفر أن هُناك من حرمهم من صعود الطائرة المتوجهة إلى صنعاء بسبب اهماله تأكيد الحجوزات الخاصة بهم ..ولهذا أُجبروا على السفر براً في رحلة استمرت أكثر من 12ساعة .. وبعدها غادروا إلى المنامة جواً .. ثم واصلوا الرحلة من جديد إلى مسقط .. وكما بدأوا براً وصلوا إلى مدينة نزوى العمانية التي تبعد عن العاصمة مسقط بـ150 كيلو مترا براً أيضاً .. والنتيجة إرهاق ومعنويات مهزوزة وفريق بدون روح يبحث عن نفسه في نفسه.

من المسئول؟

طبعا أكيد هناك من هو مسئول عن هذه المعاناة وهذا القصور .. وبعيدا عن الدوران في حلقة مفرغة نجزم أن إدارة نادي الشعب التي نكن لها كل الود والاحترام تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية فقد سلمت رقبتها لإدارة الاتحاد اليمني لكرة القدم التي تفننت - للأسف – بعض قياداتها في تلقين شعب حضرموت دروسا قاسية في المعاملة السيئة والإهمال المتكرر والتجاهل غير المبرر .. حتى رأينا من يردد ( يستاهل البرد من ضيع دفاه) ولهذا حُرم فريق الشعب من حقوق كثيرة مادية ومعنوية كون القائمين عليه ظنوا وبعض الظن لا يصيب كبد الحقيقة أنهم سيخدمون فريقهم من خلال تسليم أمور مشاركتهم للاتحاد يقطع ويبدع فيها ...!

وأمام هذه الحقيقة نقول إذا أردنا أن نتطور كرويا علينا أولاً تقيييم أنفسنا ..وثانياً أن نستفيد من مثل هذه التجارب مهما كانت نتائجها وثالثا أن ننظر إلى من حولنا ونسأل ماذا عملوا وإلى أين وصلوا ..فنحاول أن ننطلق من حيث انتهوا .. إذا أردت أن تطُاع فأمر بالمستطاع.

هناك بون شاسع يفصلنا عمن حولنا ليس من حيث التطوير والتخطيط والامكانيات والبنية التحتية ..إلخ وإنما من حيث الحرص على تحمل المسئولية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب .. فالإدارة يجب أن تكون في خدمة الابداع .. والمال يجب أن يكون في خدمة الكرة..فبالقدر الذي تعطي تأخذ ولهذا نجحوا وتجاوزونا واستمروا في توسيع المسافة الفاصلة بيننا وبينهم..والشيء المثير للدهشة أننا لم نحافظ على البقاء حيث نقف، بل تراجعنا واستمررنا في العودة إلى الخلف ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف ننتظر من فرقنا أن تحقق انجازات ولاعبيها ونجومها ومدربيها وإدارييها لا يحصلون حتى على فتات الفتات .. تصوروا أن بدل السفر لنجوم فريق شعب حضرموت الذين ذهبوا إلى عُمان واليمن كلها خلفهم وتنتظر أن يحققوا أول إنجاز آسيوي ، تصوروا أن بدل سفرهم(200 دولار) فقط لرحلة سفر أكثر من أربعين ساعة ذهابا وإيابا ،وخمسة أيام غياب عن الأهل والأحباب .. وهناك ترشيحات بأنهم سيكونون أبطال الإياب وأنهم سيمثلون اليمن آسيوياً بين العرب وكل ذلك بمائتي دولار .. يا بلاشاه ..هل هذا المبلغ يشفع لنا أن نطالبهم بأن (يجيبوا الذئب من ذيله)..أم نكتفي بالقول (إذا أردت أن تُطاع فأمر بالمستطاع)،وعلى وزارة الشباب والرياضة التي صارت اليوم متعهدة مهرجانات واحتفالات وكرنفالات مناسباتية تصرف عليها بالهبل أن تتقي الله في الفرق اليمنية والرياضة اليمنية وأن تستقطع ولو جزء بسيط لها .. جزء بسيط فقط يساوي حتى قيمة وجبتين في مطعم الشيباني .. حيا على خير العمل.


قبل أن نخوض في تفاصيل السقوط الأخير علينا أن نتساءل هل كان بالإمكان تقديم أفضل مما كان؟ .. الإجابة نعم .. فما الذي حدث ؟ ولماذا ؟.. أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب مني شجاعة كبيرة وصراحة أكبر ، وأتمنى أن يتقبلها الإخوة في إدارة نادي شعب حضرموت والجهاز الفني للفريق وكذا اللاعبين بصدر رحب ،كوني لا أقصد من وراء ذلك إلا النصح وقول الحقيقة التي يعرفونها ويتحرجوا من الاعتراف بها،والمثل يقول: (صديقي من صدقني وليس من خدعني أو غشني).

والحقيقة التي أستنتجتها منذ البداية هي أن الإدارة أخطأت أربع مرات متتالية :

الأولى : عندما سلمت أمرها للاتحاد اليمني لكرة القدم وتنازلت عن حقها وحقوقها في هذه المشاركة فجنت معوقات جمة ومشاكل لا حصر لها وفي النهاية خرجت من المولد بلا حمص .

الثانية : تسرعت في إقالة المدرب با شامي دون إدراك بأن الوقت غير مناسب وسيخلق لها جملة من الإرباكات التي تثيرها وسائل الاعلام وتنعكس على نفسيات اللاعبين ويستفيد منها الخصوم فالباشامي لم يرتكب الخطأ الفادح الذي يدفع الإدارة إلى الاستعجال في إقالته بتلك الصورة ،بل إنه كان مازال في البداية ويقف في مفترق طرق النجاح والفشل.

الثالثة : إصرار الإدارة على تكليف النجم الخلوق خالد بن بريك بتحمل مهمة تدريب الفريق رغم معرفتها أن قدراته التدريبية ما تزال في طور التخلق .. فإذا كان قد نجح في الملاعب كنجم لا يشق له غبار فهذا لا يعني أنه سينجح بهذه السرعة كمدرب .. صحيح إنه مشروع مدرب قادم بقوة إن شاء الله، لكن هذه التجربة هي مغامرة غير محمودة ،إن لم تحرقه فقد أحرقت الفريق.

الرابعة : تساهل الإدارة مع هذه المشاركة بقصد أو بدون قصد ، لعدم وعيها الكامل بأهميتها مرتين وهي الفرصة التي أتيحت لها لتحقيق إنجاز غير مسبوق، وإنجاز ثان بأن يكون الشعب هو أول فريق يدخل دوري المحترفين .. لكن وا أسفاه تعاملت مع الفرصتين بنصف اهتمام ولم تكلف نفسها حتى بالبحث عن مدرب كبير وخبير يستطيع أن يقدر حجم هذه المسئولية الجسيمة فيعالج ما يمكن علاجه ، ويظفر ببطاقة التأهل التي فرطنا بها ببرود نُحسد عليه .

لا تفهمونا غلط

الكثير ممن تابعوا مشوار فريق شعب حضرموت آسيويا يؤكدون أن الفريق لعب المباريات الثلاث الأولى بحماس وروح قتالية مكنته من حصد أربع نقاط وخمسة أهداف، فحتى المباراة التي انهزم فيها أمام النجمة البحريني في المنامة قدم أداء رائعا أشاد به الجميع ..لكن وآه من لكن .. ما إن تم إقالة المدرب وخوض الفريق مباراة الإياب مع النجمة في صنعاء حتى تراجع الفريق فظهر بلا روح ومفككا وعاجزا عن تنظيم صفوفه ..وخرج بالتعادل بعد أن كانت التوقعات ترشحه للفوز وحجز البطاقة مبكرا، صحيح أن الآمال ظلت باقية خاصة بعد الخدمة المجانية التي قدمتها الفرق الأخرى في المجموعة،فدخل الفريق مباراته أمام شباب الأردن تسبقة أحلام أبناء اليمن بحسم بطاقة التأهل دون انتظار المباراة الأخيرة أمام النهضة العماني .. فخيب الفريق الآمال وقتل نصف الأحلام وهو يقدم مباراة سيئة للغاية أمام شباب الأردن حتى جاء التعادل بالبركة ودعاء الحضارم الطيبين .. فالمدرب بن بريك عجز عن تقييد الـ(هاند بريك) الأردني فكان لا حول له ولا قوة في كل ما يحدث في الملعب


ومرة أخرى يتدخل الحظ ويبقي على آمالنا من خلال تعادل النجمة والنهضة ويظل الأمل معلقا حتى الجولة الاخيرة في نزوى .

هذه الجولة التي يؤسفني جدا أن أقول أن فرصة شعب حضرموت كانت الأرجح لو كان لدينا مدرب صاحب قدرات عالية تمكنه من قراءة الأمور بشكل صحيح .. مدرب يدرك أن فرصته الأخيرة هي الدفع بكل أوراقه حتى يحسم الأمر في الدقائق الاولى وليس كما فكر بن بريك الذي لعب بأسلوب دفاعي وترك لاعبا واحدا في الهجوم لا يهش ولا ينش.

وللأمانة كان كل شيء لا يوحي بأننا قادمون على مهمة كروية قتالية من نوع فريد بل إن التفاؤل شبه منعدم حتى وإن تقاذفته ألسن بعض أعضاء البعثة فكل المؤشرات لا تبشر بخير فاليأس والملل حاضر بقوة ،ورغم المحاولات الكبيرة التي كان يبذلها الدينامو المحرك للبعثة الأستاذ إبراهيم الحبشي لتلطيف الجو وإدخال الألفة والبهجة إلى نفوس الجميع ، الانهزامية كانت تحوم حول الأغلبية ولم ينفع معها روح التحدي والإصرار التي حاول إيصالها لهم الأستاذ أحمد عمر برعود رئيس النادي السابق .. الحماس يهرب من بعض النجوم رغم الخطبة المؤثرة والحماسية التي قالها فيهم الاستاذ صالح النقيب رئيس البعثة نائب رئيس النادي والذي كان يتعامل معهم معاملة الأب مع أبنائه ، كل هذا وأكثر ذهب سدى فقد أخفق الفريق وفشل في مجاراة النهضة العماني كون المدرب كما وافقني على ذلك الكثيرون أخطأ في تقدير الأمور وقراءة المباراة بشكل صحيح حيث لم يدفع بكل أوراقه الرابحة أمثال النجم المتألق والمشاكس خالد العرومي والحارس المتألق سعيد النوحي ولعب بخطة دفاعية فخسر الشوط الاول أداء ونتيجة وكسب الشوط الثاني بعد نزول العرومي أداء ولكن النتيجة كانت قد حُسمت في الشوط الاول،وهكذا جاء شعب حضرموت إلى نزوى للفوز بالمباراة والمركز الأول وبطاقة التأهل فحصد الهزيمة وفقد البطاقة واحتل المركز الأخير .

مافيش حد أحسن من حد

تشابهت المشاركة اليمنية في كأس الاتحاد الآسيوي بشكل مثير للتعجب فشعب حضرموت فاز في أرضه مرة واحدة وتعادل مرتين ومرة خارج أرضه وانهزم مرتين خارج أرضه ونفس النتائج تنطبق على أهلي صنعاء مع فارق بسيط أن الأهلي سجل خمسة أهداف بينما الشعب سجل ثمانية أهداف.

على السريع

< فهد المنهالي رئيس النادي لا يألوا جهدا في دعم الفريق والبقاء قريبا منه فإن لم يحضر بجسده حضر بروحه واتصالاته الدائمة .

< صالح النقيب نائب رئيس النادي هو الجندي المجهول الذي يجبرك بأخلاقه وطيبته على حبه واحترامه.

< أحمد عمر برعود رئيس النادي السابق حبه وحنينه للنادي يجعله يردد (وما الحب إلا للحبيب الاول).

< طلال بن حيدره طاقة يعتمد عليها وينبوع حب لا ينضب.

< إبراهيم الحبشي دينامو محرك بدرجة أستاذ وأب روحي للجميع .

< خالد بن بريك النجم الكروي الرائع والخلوق والمدرب الذي لا يزال يتخلق نتمنى له كل التوفيق.

< خالد القحوم زميل جدع يجلي الهموم ويرسم بقلمه لوحة من الابداعات التي تعانق الغيوم ولا تنام إلا في أحضان النجوم .

< د. جمال والأخ ماهر استمتاع كبير في خدمة حبهم الأول والأخير (شعب حضرموت) .

واخيرا مازال للود بقيه
«الأيام الرياضي» صالح الحميدي: