الأسعاء المـديـر العـــام
عدد الرسائل : 1199 المزاج : احترام قوانيين المنتدى تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| موضوع: الشاعر والمؤرخ عبدالله بن محمد باحسن .. بلبل الشحر الصداح الأربعاء 07 مارس 2012, 10:16 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عبد الله بن محمد باحسن (( بلبل الشحر الصداح ))
بقلم الأستاذالباحث : عبد الله صالح حداد عبدالله بن محمد باحسن : قال عنه الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف : (( هـذا العلم الشامخ ليس مجهولا للكثير من أبناء هذه المدينه العريقه , وليس بالمجهول في أقاليم اليمن الأخرى , ولا فـي جهات عالميه اخرى كان اليمنيون المهاجرون يرتادونها , أنه الـــفنان الذي إشتهر بكنية إسرته باحسن , الفقيه القاضي الأديب المؤرخ الملحن الموسيقارعبدالله بن محمد باحسن )) . وهـو مــن أهالي مدينة الشحر , ولد بها عام = 1861م وتوفي بها في عام 1347هـ = 1928م . وقبر بقبة الشيخ عبدالله محمد باهارون المجاورة لمسجده المشهور بالشحر . وينـسب الى آل جمل الليل العلويين . وهم آل محمد الشهير ب( جمل الليل ) بن حسن ( المعلم ) الى آخر النسب , وسبب اللقب , إن جده كان يتخذ الليل كله صلاة , فسمي جمل الليل , أي أنه يتخذ الليل جملا يركبه حتى الفجر , وجـده الخامس سالم بــن عبدالله بن محمد هو من يدير الشحر وتوفي بها سنة 1099هـ = 1687م , وإذا عرف الناس هذه الصفات الحميده التي تحلى بها في حياته ونال بها المجد والشهرة وانها كانت بجده وأجتهاده , فإن ذلك لــن يتآتى الا بالتلقي على أيدي العلماء والمربين ! فمن الذين على ايديهم تلقى مغارسه الاولى ؟ أن دراسة هذا الجانب تعني دراسة الطور الأول لثقافة الرجل , على أن دراسة نتاجاته الادبيه والتاريخية ستكون المرآة التي بواستطتها نستشف ثقافته فـي أطارها الاكمل والتـــي لابد وأن تنعكس على نشاطه الثقافي والاجتماعي في بيئته التي عاش فيها . وأول مايلـفت نظرنا العبارة التي وردت في ترجمته بكتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) لعبدالله بـن محمد السقاف : (( أنه قرأ القرآن في إحدى المعلمات ( كتاب ) فـي الشحر , كما أحكم الخط وأتقنه كتابة وفهما )) ومــا إن يشب حتى يقول : (( وعلى علماء الشحر وصوفيتها ملتقطاته )) لكنه يغض الطرف عــن ذكر هؤلاء الذين كانت على أيديهم مغارس النجابه . على أن العلامة عبدالله سالم عيديد كان شيخه الدائم , وكان أحد علماء الشحر والمتوفي بها عام 1888م . حيث كان يتبعه وهـو يلقي دروسا من علومه في مساجدها وخاصة مسجدي الشيخ الغالبي والشيخ أحمد , وعليه تخرج في أنواع شتى من العلوم فقها وحديثا وتفسيرا ونحوا وغيرها وقد رثاه بقصيده منها : له الجاه والقدر الرفيع على الــورى وكم ذا له فضل يضيق على العد أذا جاء أهل الفخر يعلون فخرهم علونا به فخرا على القبل والبعــد وقد ذكر باحسن نفسه عددا من معلميه بالشحر منهم :- " والده محمد بن عبدالله باحسن الذي لانعرف الكثير عنه الا انه توفي على السفينة وهـو في أوبته مــن مهجره بأرض الصومال ودفن بمدينة شقرة . " محمد بن أحمد بن محمد الشاطري ويكفينا منه قوله عنه العلامة . " ناصر بن صالح بن الشيخ علي الذي قال عنه (( قاضي الشحر العلامة صاحب مدرسة السوق المـعروفة اليوم بمسجد المدرسة )) . " محمد بن سالم باطويح : وصفه بقوله العلامة النحوي وهو صوفي مغال . كماعدد من شيوخه ومعلميه ثلاثة أخرين ليسوا من أهل مدينته لكنه قال : (( إنهم مكثـوا فترات طويله بالشحر وقد درست عليهم في تلك الفترات )) . وأولهم العلامة علوي بن عبدالرحمن المشهور , وكان كثـير التردد على الشحر وقد ساهم بقسط وافر في نجاح مدرسة مكارم الأخلاق الأهلية بالشحر عند أفتتاحها في 14 نوفمبر 1918م . قال باحسن إنـه قرأ عليه ديوان أبن معتوق وشرح المحلى على المنهاج وقد مدحه بقصيدة جميلة هي في ديوانه . وتوفي بتريم عام 1922م , ومنها :
تفجرت منه أنهار العلوم فيا لله من كوكب وقاد في الظلم وثانيهم العلامة عبدالقادر بن أحمد بن طاهر قال عنه , أنه كتب الكثير من قصائده , ومنها قصيدة فـي والده محمد , وان له ديوان شعر . وثالثهم القاضي عبدالله بن محسن السقاف وهو من أهالي سيئون توفي بها عام 1896م وهو قاض وإبن قاض , وروى باحسن طرفا من حياته في سلك القضاء وإختلافه في بعض المسائل مع قاضي الشحر العلامة ناصر بن الشيخ علي وكان شاعرا . ونضيف بإنه تلقى الفقه والتصوف على يد العالم سالم بن محمد باوزير , وهو من غيل باوزير , وقـد تدير الشحر حتى قبيل وفاته كما يذكر باحسن في تاريخه . وكان عبدالله باحسن قد توجه الى سيئون ليدرس برباط العالم الصوفي الشاعر علـــي بن محمد الحبشي الذي أفتتحه رسميا في عام 1878م . ونحن في الحقيقه نعرف الكثير عن المعهد وصاحبه الذي يمكننا أن نعطيه صفة العالم دون خوف أو وجل , ويكفي باحسن فخرا أن يكون الحبسي أستاذه وشيخه , وفـي هذا المعهد وجد الأاتذة والطلاب وتلقى فيه المزيد من العلم والمعرفه , ووجد العديد من الأصدقاء مختلفي المـيول والاهتمامات في شتى صنوف العلم والمعرفه فكانت أولى المفاتيح اثقافته العامة , وقــد كتب باحسن قصيدة جميلة في شيخه الحبشي , وهي التي نسبها الأستاذ عمر بن ثعلب خطأ ليزيد بن معاويه والتي مطلعها : جاءت تجر ذيول التيه والعجب هيفاء مياسة الأعطاف كالقضب وإذا كان هذا هو دور التلمذه فإن باحسن قـد أعتمد التثقيف الذاتي وأن نتاجاته الأدبيه خير دليل لنا لسعة أطلاعه وعمق ثقافته فـي أكثر مـن علم . ولعل تاريخه المسمى (( النفحات المسكيه في أخبار الشحر المحميه )) وهو مخطوط ينبئنا عن بغيتنا , حيث نجد تراجم للعديد من العلماء ورجال الدين والقضاة والخطباء والوعاظ والقادة ورؤساء الدول والوجهاء والتجار وغيرهم , رغم إن التركيز على علماء ومشايخ مسقط رأسه مدينة الشحر . وإذا كان ليس في إمكاننا أن نلم بكل من وردت أسمائهم فـي الكتاب أو تعذرنا بأن ذكر هؤلاء لايدل على قراءة مؤلفاتهم فإن الكتاب برمته يعطينا صورة صادقه لمستوى علمه وثقافته وسعة أطلاعه فـي علم التاريخ واللغة والأدب وخاصة الشعر وعلوم الدين ,وعيه فإننا نقتصر على المراجع التي رجع اليها وهو يحبر كتابه حيث يقول في مقدمته : (( فنقلت حينئذ ماتيسر لـــي جمعه من الكتب المعتمده مثل : المشروع الروي لمحمد الشلي , والنور السافر لعبدالقادر العيدروس , وكنز الـبراهين لشيخ الجفري , والجوهر الشاف لعبدالرحمن الخطيب , وشرح العينيه لأحمد الحبشي , وغاية القصد والمراد لمحمد بن سميط , وبهجة الفـؤاد وبغية المراد له , وعقد اليواقيت لعيدروس الحبشي , هذا مع ماحصلته من كتب متفرقه وماأستفدته وتلقيته عن الثقات الأجواد على سبيل البحث بحسب الأجتهاد )) . ولن نقف طويلا عند تاريخه فـمن أراد الإستزاده فعليه الإطلاع عليه . ومثل ذلك في ديوانه المخطوط , وعلينا أن نأخذ طرفا من هنا ومن هناك . إن معرفته بالكتب وأصحابها واضح العلامات بين القسمات , فـقد أنبأنا إنه على إطلاع على العديد منها والتي حازت على إعجابه لفوائدها الجمه , وكتب عنها القصائد التي تدلنا على أهميتها , فعلى أثر قراءته لكتاب (( حياة الحيوان الكبرى )) للدميري , أعجبه أحد الابيات الشعريه الواردة فيه فكتب على وزنه ورويه قصيدة , وعندما قرأ كتاب (( الفتاوى )) لأبن حجر الهيتمي , كتب قصيدة فيه , منها قوله : هذي فتاوى شيخنا الحبر الذي خاض بحور الـعلم بإستمرار تنقل لــه الاقدام سعيا عندما تطلب جواهره لمن هو شاري ولقد أشار في قصيدة أخرى الى أهمية الكتاب بإعتباره مصدر العلوم والثقافه وهو المرجع الأساسي لصحة المعلومات ومنها : هذا الزمان الذي فيه مـن جا رقص كلين يلقـى قياسه زاد وإلا نقــص تغلطت فيه بين الناس جمع الحصص معاد حد لي يفند أو يقع ع البخــص زمان أعوركم خاتم ولافـيه فـص أهله يروجون وسط البحرمثل الرمص لعاد تنكر على من عض والا قبص كله سلك فيه خذ تحقيق منـي بنـص كلين يحكي و( الكتب ) في الرصص . . . وكان يحث أهل مدينته على طلب العلم وحب التعليم , فمن قصيدة له قوله : أطلبوا العلم ياأخواني وشيدوا مبانيـه وأنشروا رايته فالفوز في العاقبه فيه الى قوله : ذا وفـي الشحر هذا الوقت بانت مخافيه وأنتشر مختصر بافضل وأظهر معانيه والمهـذب ومنهاج النـواوي وتـنبـيه زان وادي ســعاد آلاف الله يـمليـه بالعلوم التــي أهـله دواما ترقــيه كي يرى في جميع القطر ماشي يدانيه... وقد كتب مرثيه غراء في العلامة محمد عمر بن سلم (1274- 1329 ) (1857-1911م) صاحب رباط الغيل وكان باحسن زميل العلامه بن سلم بمدرسة الشيخ ناصر ويكبره بأربع سنوات , لكن بن سلم درس بالأزهر وتوفي بالغيل ومنها قوله : في نصرة الدين الحيقي ذأبه حتـى غذا يزهو به الاسلام إلى قوله : من ذا يقوم بمثله بين الورى يسعى على نشر العلوم دوام فلتبكه كتب العلوم بسيطهـا ووجيزها فـقـد علاها قتام ... ولعل أبسط مايقال , إن معارضاته للقصائد وتذييلها وتشطيرها وتخميسها , وغير ذلك مما عرف عـند أكثر شعراء عصره , طريقة سلكها الشاعر باحسن , وهي على الأقل , إذا لم نحسن الظن بالقصائد المعاره , تدل على أن الاديب على أطلاع بما يدور في عالم الأدب والشعر والفكر , سوى كـان مما قيل حديثا أم كان أستدعاء لقصائد شعراء سابقين , فهي بلا شك تأتي لأسباب وجيهه عنده , يدل عليها عصره ومايدور فيه أو من خلال ماتطرحه نفس القصائد من قضايا وأفكار وأهداف , ولـربما أبدل غرض قصيدتة , فـقـد عارض قصيدة الشاعر الصوفي جابر رزق المشهورة في الاوساط الصوفيه : بصاحب التاج والمعراج مول العلامة وآلـه خـــير آل وهي مديحة في النبي صلى الله عليه وسلم , فجعلها باحسن غزليه : قال المعنى الشجي من لاتهنى منامه في دائر العشق حال وعارض قصيدتين آخريتين له , منها : ياحبيب الـقـلب مـاهذا يكون أن دمع العين عاخدي هتون مـثـل العـيون ............ قد فنا صبري وقل الاحتيال فقال باحسن معارضا : شـرفـوني سادتي بالملتـقى أن لذع الحب ماله من رقى يـاهـل الـبقاء ........... أي وربي إنـه يورث هيام وعارض الآنسي الأبن الصنعانيه : ياجزيل العطاء نسألك حسن الختام فرج الهم وأكشف مضيقه فقال باحسن : قمري البان غـرد حـسان النظام حرك القلب وأكشف حقيقه كما عجز وصدر قصيدة عمر بن الفارض (( غيري على السلوان قادر )) وذيل بيتيه الشهيرين : وحــياة أشـواقي إلـيك وحـرمة الصبر الجميل ماأستحسنت عيني سـواك ولا صبوت الــى خليل وعجز وصدر قصيدة عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس وحاكاه في قصيدته التي ذكر فيها نــسبه , وعجز قصيدة الشاعر الصوفي أبوبكر العيدروس العدني , وخمس قصيدة الصوفي مـحمد عـلي السودي , وغير هذا . قال أبن عبيدالله في ( أدام القوت ) : (( وقــد أعانه على الاجادة في شعره إنه قلما سمع قصيده أعجبته الا عارضها ونسج على منوالها )) . أن القراءة المتأنية لقصائد ديوان الشاعر باحسن تنبيك عن علم الرجل وسعة ثقافته وحجم قاموسـه وعمق أفكاره , أننا نلمس تأثره بالقرآن , بل والتراث الاسلامي بأجمعه , وقضايا التراث الشعبي بجـــميع عناصرهمن مثل وحكمه وحكاية واسطورة وغيرها . ونـــحن هنا محتاجون لأن نتذكر قصيدة الشاعر حسين أبوبكر المحضار التي ألقاها في الأحتفال بالذكرى الخمسين لرحيل باحسن والذي أقـيم بالشحر مساء يـوم السبت 24/12/1977م وتعليق الأســتاذ بامطرف عليها وهي واردة مع التعليق , بمقدمة ديوان المحضار ( أبتسامات العشاق ) . ومنها قول بامطرف عن باحسن أنه (( أطلع على ديوان عنترة العبسي وغيره ودواوين الحماسة والغزل والتصوف , كما نرى ذلك واضحا فيما خلفه لنا من أشعار)) . ونحن في الحقيقه نتفق معه في رأيه المطروح حول القصيدة , وقـد ساق لنا حجته التي إستند إليها فقال : (( لقد كان باحسن أديبا واسع الأطلاع ومؤرخا وفقيها , وإذا أردت أن تعرف سعة إطلاع الرجل فأرجع الى قصيدته التي قالها في السابع عشر مـــن شهر شعبان عام 1318هـ , أي وعمره أربعون عاما )) وهو يوافق 11/12/1900م . والقصيدة تحتل الورقة (167) مـن ديوانه المخطوط ومطلعها : عرفنا لما فيك معنى الصحاح بشاهـد ماقـاله الجـوهري ولأن المقام لايسعنا لذكرها والتعليق عليها , نحيل الراغب في الأطلاع عليها الى المحاضرة التـي ألقاها كاتب السطور مساء يوم الاربعاء 16/5/2001م بالأمسية الثقافيه الشهريه لرباط الشحر وهي مطبوعة ومنشوره . لـقـد ذكر الشاعر باحسن في هذه القصيدة العديد من شعراء العصر الأموي مـن العشاق المتيمين كالمجنون , وقيس بن ذريح , وإبن حزام , ومالك الجعدي , وذي الرمه , وكذلك الأشتر النخعي , والبحتري , والجعبري , والشوبري , والجوهري صاحب القاموس , والأشعري صاحب المذهب وغيرهم . ونحن هنا نضرب صفحا عن الأخطاء النحويه والصرفيه والعروضيه الواردة في القصيدة , وقــد فندها الأستاذ محمد بامطرف قائلا : (( إننا نلاحظ إن باحسن لايحترز من الأخطاء اللغوية والعروضية فـي عدد من قصائدة الفصحى , وهذه طريقة إتبعها مثله بعض الفقهاء الحضارمة في قصائدهم , لأنهم لـم يكونوا شعراء مبدعين , ولكنهم أنما كانوا نظاميين مقلدين .. وفي القصيدة تكلف أركب الشاعر مراكب خشنة , وهي في نظرنا ركيكة المبنى رغم إن معانيها جيدة .. وهـي تكشف لنا جانبا مــن ثقافة الشاعر باحسن ومــن عقيدته )) . معاش باحسن نحن لم نستطع التعرف على النشاط الأجتماعي الذي مارسه الشاعر بعد الأكتفاء بالــزاد التعليمي لمعاش أسرته , وحول هذه المسألة قال الأستاذ بامطرف : (( لقد عاش باحسن عمره فقيرا إلا من دخل زهيد يأتيه من مصدر خاص لايكاد يفي بحاجاته الضرورية )) وحتى هذا المصدر لـم نستطع تحديده , وربما كان هذا المصدر نفقة شهرية تأتيه من أخيه محمد بن محمد المهاجر بشرق أفريقيا . ولكن أخوه توفي بالشحر في 15 شعبان 1318هـ(1900م) وربما يكون هذا المصدر هو ريع أرض زراعية بالديس الشرقية آل إليه والى أمه وأختها من أخيهما محمد بن أبي بكر الشاطري , وربما غير ذلك . ويضيف الأستاذ بامطرف : (( وكانت ترد إليه بعض الهبات من المعجبين بشجاعته وفنه فيجود بالجانب الأكبر منها على المحتاجين من خاصته )) , بيد أن الشاعر كان عزيز النفس حتى أن بعض قصائده تجعلك تظن أنه ذا مال وفير ومنها قوله : لا مهمه من الدنيا ولا قلة اليد أنـما الله وهـاب وكان صديقه شيخ بن حسين البيتي يعلم حاله تماما , وهو من أهالي ( محمده ) بحجر ومـن تجار مدينة ممباسة بشرق أفريقيا , ولهذا طلب منه التوجه إليه واعدا إياه بترتيب معاش له يكفيه ويطيب له الأقامه هناك , فكتب إليه قصيدة طويله , كانت على سبيل المذاعبة , وأدرجها في ديوانه المخطوط ومنها : حلفت بالمصطفى مانغبط أهل البقـش لو كان ماكان نا دور لأهل الطرش حب المساكين ذي هم ساكنين العشش لو يوم صبحت واحد قال حيا منين... وقد يشتد عليه الحال فيضيق بما آل إليه أمره , فيتوجه الى من يراه المنقد , فقال مخاطبا العلامه محمد بن طاهر الحداد : سيد من الشحر كيسه ياحبيبي خلي فأجابه في الحال : الله يجعله مـن خيرات ربي ملـي ولعل باحسن لايقصد زاد الدنيا ولكنه يقصد زاد الآخرة . إن قارئ الديوان يلاحظ في كثير من القصائد بل أغلبها الشكوى من الزمان وأهله , ثم أنه مــدح السلاطين آل القعيطي وكبار رجال الدولة والمشائخ والتجار , قال قصيدة لأحد التجار : ضقت ذرعا مما أقاسي فيـو مي قمطرير وليلتي درعــاء جاء شهر الصيام والحال إني من عنا البعد قد غشاني البكاء قال أحد الرواة إنه باع قطعا أرضية , ربما ثلاث , هن المجاورات بيته الذي يقع بحي غقل باغريب , ربع الرقه , فالحي يقسم الى أرباع , والرقه عذه تعرف برقة باحسن , ولاندري إن كانت تنسب إليه أو الى أحد من أفراد أسرته السابقين , ربما جده المعروف بالسخي , وكان تاجرا رؤوفا محسنا بالمعوزين مـن أهل بلدته . وفي عام 1911م باع الأرض الزراعية بالديس الشرقية , فأوقــف حاكم الشحر البيع بحجة أن ثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطا من الماء المباع وقف على أحد مساجد الشحر , ثم سجنه , وقــد أرجع باحسن ثمن المباع الى المحكمة . والقصة معروفة , فقد كتب باحسن رسالة أو مقامة حول هذه القضية بعنوان : ( تنبيه العقلاء بشرح ماجرى على بعض أبناء الفضلا ) حررها في القعدة عام 1330هـ= أكتوبر1912م . ولاندري أن كانت القضية كلها من قبيل كيد السلاطين ورجال الدولة لباحسن لموقف سابق فــي خلاف بين الاسرة الحاكمة كما سيأتي , أم إن باحسن فعلا قــد أرتكب خطأ في البيع , وفـي رأينا أن هذه الرسالة تستحق بحثا قضائيا , وهي مخطوطة بمكتبة الاحقاف بتريم تحت رقم (2914) مجاميع . وقـد أشار باحسن فـي هذه الرسالة بأنة تم تعيينه فـي عام 1325هـ(1907م) عضوا بالمحكمة الشرعية بالشحر , بعد أن رشحه زميله العلامة محمد عمر بن سلم , وإن السلطان صالح بـن غالب القعيطي أضاف أليه وظيفة عقود الأنكحه بالشحر , وقد قام بهما خير قيام , لكنه كان يديع بين حاشية السلطنة مامعناه , أنهم ليسوا عبيدا لأحد , وأن الرق في الأسلام شئ غير هذا , وأنما هم أحرار , تمت سرقتهم/أختطافهم من عائلاتهم وقبائلهم من على السواحل الإفريقيه , ولهذا فهو مستعد لتزويجهم دون أذن سيدهم , وهو بهذا يكون مثل من يقف بيد الدولة القعيطية ويحرض حاشيتها على التمرد , وكانت الدولة القعيطية ودويلات أخريات في المنطقه عملت بنظام الأنكشاريه إقتداء بدول أخرى سبقتها الى ذلك , وهي أشبه بالمليشيا في وقتنا الحاضر , ولو طال عمر الشاعر باحسن الى مابعد عام 1937م أي بعد معاهدة الأستشارة مع الحكومة البريطانية وإلغاء نظام المماليك والكيلة , ووقوف هؤلاء ضد ألغاء النظام والكيلة , لوضعت الحكومة القعيطية والبريطانية تاجا على رأسه . وقد خاض باحسن تجربة في السياسة حيث وقــف مناصرا لحسين ومنصر أبناء عبدالله بن عـمر القعيطي المتوفي في الشحر في 25نوفمبر1888م , في أحداث مايعرف ب( فتنة القعطة ) فكتب قصيدة مهنئا الأمير حسين بعد عودته من المفاوضات التي جرت بينه وأخيه من جهة وعمهما السلطان عوض بــن عمر القعيطي , وكانا يطالبان بنصيبهما من إرث والدهما في حكم حضرموت , ويظهر إن باحسن إغتش بأخـبار الشارع , ولم يقدر الوضع . وفي يونيو 1902م تم غحضار الأمير حسين عنوة الى عدن ثم ألحق به أخاه منصر , ونفيا الى الهند . وعلى الراغب في الإستزادة الرجوع الى كتاب د . محمد عكاشة ( قيام الدولة القعيطية والتغلغل الأستعماري في حضرموت ) . ولعل باحسن لم يدرك اللعبة السياسية الدائرة أنذاك , ولم يفهم مسألة وقوف البريطانيين مع السلطان عوض فـي أحداث الأستيلاء علـى مدينة المكلا وكذلك المعاهدات التي أبرموها معه , معاهدة الصداقة , ثم معاهدة الحماية , إن ضحالة تجربته السياسية جعلته يخرج منها بصفقة المغبون . ولــقد حاول بعد ذلك أن يحسن علاقاته بالسلاطين فلم يلق إلا أذنا صماء وذهبت جهوده أدراج الرياح , فقد كتب عددا مــن القصائد أرسلها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , لكنه لم تفده شيئا , والمسألة تحتاج الـى بحث مستقل خاصة وأن كل القصائد مدرجة بالديوان . ويظهر أن رجال السياسة يمكنهم أن يتسامحوا إلا مع من وقف ضدهم , فقد عانى باحسن مـن هذه المسألة حتى وفاته رحمه الله , وقد تمثل ذلك في التجاهل الذي عاملته به السلطه ورجالها , وانعكس ذلك على بعض الذين يدورون في فلكها , فقد تجاهلته اللجنة الأهلية التي شكلت بمدينته للنهوض بالمسألة التعليمية والتي أثمرت جهودها بأفتتاح مدرسة مكارم الأخلاق في 14نوفمبر1918م حيث لم يدرج ضمن قوائمها , ولـــم ترشحه حتى ليكون عضو هيئة التدريس بها , وربما يكون للحنة موقفا غير سياسي وهو موقفه مــن الغناء وممارسته كما سيأتي . هجرته الى شرق أفريقيا ويبدو أن ظروف المعاش في مدينته قد قست عليه فـي أيام من حياته , ففكر فــي أن يسلك سبيل الهجرة , فهاجر الى شرق إفريقيا . والمشهور بين الناس أنه سافر مرة واحدة , لكن عبارة السقاف فـي كتابه ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) تقول : (( نشاهده في تبعية أبيه وكنفه إلى مماته بالبحر بالقرب من قرية شقرة في أثناء عودته من زنجبار , ودفنه بشقرة سنة 1296هـ)) وهـذا يوافق عام 1879م , وعمره آنذاك ثمانية عشر عاما , فإذا فرضنا إنه كان بصحبة والده , فلا يمكن أن نعدها هجـرة عمل , وعلى آية حال فإن رحلته الاخيرة ذكرها في مقامتين أدبيتين هما : 1= متاعب الاسفار في رحلتي الى جزيرة زنجبار . 2= أطلاع الأحياء على إمتحان الدنيا . وقد كتبها عام 1342هـ (1923م) اما الأولى فلايعرف متى كتبها , وفيهما يشير الى أسباب هجرته بقوله : (( مــر علينا وقت عبوس ومنحوس , ونحن فـي الشحر جلوس , فعزمت على أن اسافر وأجاهد )) , وإذا كان هذا سببا عاما فإن السبب الخاص (( تنغص معاشنا , وجــرأة أوباشنا , وقصدنا من هذه الجهات مايسد الفاقات )) , أو قوله : (( يقول من عضه الزمان بناب أسنانه وسـل عليه سيف بغيه وعدوانه )) , ثم أشار الى مكان توجهه (( وتوجهت الى زنجبار فـي أحدى السواعي الكبار , ولما كانت هذه الجزيرة أحدى مواقع هجرة أهل الشحر , قال : (( ولا اللائق بأهل الشحر الا السواحل )) , ويظهر أن باحسن لم تكن لديه رغبة في السفر ولكن الظروف أرغمته على ركوب أهوال البحر (( وقد قـال صاحب العلم والمكرمه سيدنا عمر بامخرمة : مانبا الهند لو تمطر علينا بفضه مانبا إلا الوطن لو عضنا الجوع عضه فالعزيز من عزته بلاده وعزها ...)) , ويبدو من خلال ماذكره في مقامتيه إنه قاسي الآمرين ولـم يستفد من هجرته هذه شيئا يذكر , ففكر في أمر العودة (( فطفقت أترقب وقت الذهاب , قانعا مـــن الغنيمة بالأياب )) ومع ذلك فإن اموره ميسرة في بلاده على قل العمل (( أن كان الا عتق الحلوق , وخياطة الشعوق , وكسي المحارم والاولاد الصغار, فـهـذه أمور ميسرة فـي الشحر ولاعليها غبار , والله يستر على قـل الغمار )) . (( في عام 1321هـ (1903م) قال قصيدته الرمزيه : مابهند فتنت بـل بسعاد مذ سبتني بحسنها الوقاد فمن هي ياترى سعاد التي فضلها على هند ؟ هنا توريه أدبيه لطيفةيجب أن نوضحها , لقد أغراه بعض أهالي الشحر على السفر الى الهند سعيا وراء كسب العيش فأبى , وفضل البقاء في الشحر ( سعاد ) , رغم ضائقة العيش التي بلاها في الشحر . فالمفاضلة هنا ليست بين غانيتين ولكنها بين مدينتين سعاد الشحر ومدينة بمبي )) بامطرف , باحسن ص8 . لقد أكتفى باحسن بنيابة عقود الانكحه , وإمامة مسجد عبدالله العيدروس وهــو أحد قدماء صوفية حضرموت المتوفي بتريم سنة 865هـ(1466م) , وكان يقع بالقرب من مسكنه بحي عقل باغريب , وبإقامة حضرته الاسبوعيه . وكان حاديا يضرب الدف ( الطار ) وينشد الأشعار الصوفية المغناة وبعضها من كلماته وألحانه , يساعده في ذلك صوته ( الحسن الشجي) كما وصفه عبدالله السقاف في تاريخ الشعراء (ج5/62 ) . ثم أنه تفرغ للتأليف وكتابة الاشعار وبالذات شعر الأغنيه وتلحينه فـي قوالب جميلة جعلت أفئدة جمهرة مـن الناس تأوي اليها بعد تقديمها على تخت عناصرها من جماعة سعى هـو الى تكوينها من أبناء مدينته , وكان هو من يتزعمها ويعلن نشاطها , إعتمادا على علمه ووجاهته وأنتمائه الى مرتبته العليا في السلم الأجتماعي وشجاعته ووقوفه كالجبل الأشم رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين . مؤلفات باحسن : لباحسن مؤلفات فــي الادب والتاريخ , لكننا وكما أشرنا سابقا , لن نقف عندها طويلا , وسنكتفي بالتعرف عليها : النفحات المسكية في تاريخ الشحر المحمية والجزء الثاني يحمل العنوان التالي : النفحات المسكية في أخبار الشحر المحمية . ويلاحظ أن المؤلف إقـتصر علــى النفحات وبالاخص المسكية منها . وهو مخطوط يقع في جزئين تحتفظ بهما مكتبة الاحقاف بتريم تحت الرقمين (2201و2202) , وبالجزء الثاني بعض الاوراق المفقوده . وفـي أخره جاء إنه فرغ مـن تبيضه بفاتحة شهــــر الحجة 1322هـ(5 فبراير1905م) , وقد قسمه الى أربعة ابواب ومقدمه : الباب الاول : ذكر فيه أولياء مدينة الشحر وقال (( وهو جل الغرض من هذا الكتاب )) ولهــذا أستغرق الجزء الاول كله و(135) صفحة من الجزء الثاني . الباب الثاني : ذكر فيه مساجد مدينة الشحر العامرة والمندرسة , وقد أتى في (11) صفحة فقط . الباب الثالث : وذكر فيه من ملك مدينة الشحر من الملوك العظام , ابتداء من السلطان أبوطويرق بن بدر عبدالله الكثيري , الذي تولى الحكم عام 927هـ(1521م) , وانتهى الى أيام السلطان عوض بن عمر القعيطي , وبالتحديد الى 17 شوال 1322هـ(24/11/1904م) , وقد أستغرق منه (62) صفحة . الباب الرابع : وهو ختم الكتاب ذكر فيه ماظفر به من التواريخ التي قيدها بعض التقات , ويقع في (26) صفحة . وهذاحسبما وضعته من ترقيم لنفسي . والكتاب مرجع هام لايمكن الأستغناء عنه . المقامات الأدبية : كتب عبدالله باحسن عددا من المقامات الشعبية , كما كتب صديقه الاول الشاعر سعيد علـي بامعيبد عددا أخر وشاكلهما أخرون , وكانت تلقي في الجلسات على الحاضرين ((على سبيل التنويع او التجديد فــي مواد الانس والمباسطة التي تدور في تلك الجلسات الاخوانية )) بامطرف , الـرائد باحسن ص12 , ولاندري كم عدد المقامات التي كتبها باحسن , لكني أحتفظ بثلاث منها : " إطلاع الاحياء على أمتحان الدنيا , وهي المسماة ( تقريع الآذان في بعض عجائب الزمان ) وقد كتبها في 25 سفر 1342هـ(16/10/1923م) وقد تحدث عنها الاستاذ علي أبوبكر الصبان فـي الاحتفال بذكرى الشاعر الخامسة والخمسين , ونشر حديثه ضمن كتاب خاص بالمناسبه صدر بآلة النسخ عام 1983م . " المقامة الشحريه الشهيرة في الجهة الحضرمية : وقد كتبها الشاعر في 8 شعبان عام 1343هـ(3/3/1925م) . " نقل الأخبار القادمة فيما جرى بين المعالمة , ولايعرف متى كتــبها , وقـد أورد صاحب كتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين )ج5/63 , مقتطف منها كنموذج للنثر . " متاعب الاسفار في رحلتي الى جزيرة زنجبار , ونظن بانها المشهورة بالمقامة ( السواحلية ) وهي مـن محفوظات الاديب المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف , وقــد تحدث عنها في كلمته بالحفل المذكور أعلاه ونشرت بكتاب ( باحسن الرائد والفنان ) . " تنبيه العقلاء بشرح ماجرى على أبناء الفضلاء , وهـي رسالة كتبها في 13 القعدة 1330هـ( 13/10/ 1912) ومن محفوظات مكتبة الاحقاف للمخطوطات بتريم , تحدث فيها عما حدث له شخصيا وهو يعمل قاضيا بالمحكمة الشرعية بالشحر , بسبب وكالته في بيع أرض زراعية واقعة بالديس الشرقيه . ويقال أنه ترك العمل من سلك القضاء أحتجاجا على وقف البيع وسجنه , بعد أن عمل به مدة خمس سنوات . ديوان الشاعر : أبقت لنا الايام مائتين وسبع وثلاثين ورقة من ديوان الشاعر المخطوط ويلاحظ أن اول قــصيدة دبجتها قريحة الشاعر كانت في عام 1302هـ(1884م) وقـد امتد التدفق الشعري عنده حتى عام 1344هـ(1925م) , وقد آل الديوان الاصل الى الهيئة العامة للأثار والمخطوطات والمتاحف اليمنية بعد شرائه من مالكه محمد عبدالله الهدار , زوج إبنة الشاعر باحسن , وقـد كتبت نسخة الديوان بخط نسخي فــي الـقرن الرابع عشر الهجري , وعناوينها بالحمرة , ويليه ورقتان قيل إنهما بخط الشاعر ويشتمل على شعره الفصيح والحميني . وقصائد الديوان قيلت في المناسبات ومنها مدائح ومراثي وأخوانيات ومنها نصائح وشكوى الزمان وأهله , ومنها قصائد غزلية تغنى بها هو نفسه وجماعته , وأنتشرت عن طريق الغناء الى خارج اليمن , قال هو عنها : (( قد بدأت لهم بعضا من القصائد الفريدة فأنتشرت حتى بلغت الى الجهات البعيدة )) . وقد أشرنا فيما سبق الــى رأي الأستاذ بامطرف من أن الأستاذ باحسن لايحترز مـن الأخطاء اللغوية والعروضية فــي عدد مـن قصائده الفصحى , وباحسن نفسه يؤكد ذلك , فهو يقول : (( وربما رآى بعض من إخواننا الكرام إن بعض القصائد لم تقم على جادة الأعراب ويحسب ذلك خلل في النظام , وأنا أعلم ذلك وأعرف ماهنالك , غير إني لم أتكلف على تصليح حركات العوامل إعتمادا على ماقال القائل يغتفر للناظم مالايغتفر للناثر , مع ان العمدة في حفظ المعنى )) , ويعلل ذلك بقــوله : (( أن ذلك واقـع على وفق الوارد الرباني )) . ورغم هـذا وذاك فإني أتمنى أن يقف المؤرخون والباحثون عند تاريخه ويتعرض الأدباء والنقاد لأدبه وشعره , فإن هذا العلم لم يعط حقه ولـم يحظ بدراسة نتاجاته الادبية والتاريخية الى يومنا هذا . نشاطاته الفنية : مما تيسر لنا قرأته نكون قد حصلنا على ألمامة ببيئة الشاعر السياسية والثقافية , وتعرفنا علــى نشاط الرجل في أكثر من مجال منها مشاركته في الفقه وعمله بالقضاء ونشاطه الثقافي وسعة اطلاعه ومشاركته بالتأليف الأدبي المتمثل في المقامات والشعر وكذلك التاريخ , ولكننا لم نتطرق الى نشاطه الفني فــي الغناء والموسيقى . (( والواقع أن كثيرا من صفات فناننا باحسن جديرة بالأكبار , ولكنا على الخصوص نكبر فيه خصلتين : أولاهما , تمرده على العقليات المتحجرة في مجتمعه , وثانيهما نضاله فــي سبيل أن يعلو شأن الفن في بلدته ... إن التمرد على الأفكار المتعفنة والنضال في سبيل تطوير وتحسين حياة الإنسان في شتى أبعادها كانا عماد الترقي فـي كـل العصور )) بامطرف ( الرائد ص9 ) . ولقد إجتمعت هاتان الصفتان فـي الشاعر باحسن عندما آمن برسالة الـفن فأخلص جل نشاطه في سبيله , وملك لأجل ذلك شجاعة نادرة لم تثنه عنها غضبة كبير ولاأعتراضة أمير , وفـي ذلك يقول : وإني لاأبالـي يابـن وذي أسار الجيش أم أزمع أميره ومن يكلح الي بعين عـز أراه بمنظر العـين الكبيره ومن يكلح الي بعين نقص أراه بمنظر العـين الحقيره وكان قد ثار عليه المتزمتون ونشروا عنه أحقر الشائعات للنيل من سمعته , وذلك بسبب نشاطه الفني , وبلغ بعضهم إن واجهه بأعتراضاته فقال : أنا الذي للعشق قلبي وكـــن سالك ولاشئ قط عاقـه غير إن به من فعل هذا الزمـن أحوال توجب لأحتراقـه غايته أن الامر فـيه أعتــجن والزين ناقص فـيه واقه ... وعندما كتب الأستاذ بامطرف كتابه ( الشاعر الغزل ) قال : (( لم يتعرض لا خو علوي , ولا خو عيديد في تريم لما تعرض له باحسن من نقمة وكيد وتشويه سمعه ومحاربه في الرزق في مدينة الشحر من قبل المتزمتين وكانوا جميعهم من الأقربين اليه , وطفق كالطود الشامخ مؤمنا بفنه ومؤديا رسالته , فكان محل الأحترام والتقـدير من عموم أهل مدينته )) . وكيف اصطباري حيث زادت بليتي وقد مسني من أهل بيتي وبلدتي ...الخ إن ايمان باحسن برسالة الفنون إيمانا راسخا , لهذا تحمل فـي سبيلها كل مشقة وصـمد صمود الجبال , أسمعه يقول : لي قلب في العشقة مولع هكذا روعي بدر أهوى المغاني والغواني صيرن حالي بشر وكان يعلن ذلك صراحة فقد قال في إحدى مقاماته : (( وأنما أنا من طلبة العلم والتعليم , وعلى الأشعار والألحان مخيم ومقيم )) . وعلى الرغم مــن إن كتاب الصوفي الشهير عبدالسلام النابلسي ( إيضاح الدلالات في سماع الألات ) المنتشر بينهم , فإن لهم أراء فـي الالات الموسيقيه التي توارثها الناس خلفا عن سلف والتي تصاحب نغماتهم على شعر أغانيهم في مختلف المناسبات , فكانوا يقــرون الطار ( الدف الكبير ) والمطرق في السماع الصوفي وكذلك المذروف ( القصبة ) فــي حالات خاصة , أما قرينة المزمار ( المجوز ) فأنهم يعتبرون أنغامه صدى لأصوات الشياطين , ويتسامحون فـي الهاجر والمرواس ( طبول ) فـي بعـض الرقصات , أمــا القنبوس ( العود القديم ) والربابه والكمان والسمسمية فأنهم ينكرونها ويستنكرون التعامل معها , وكـان المتزمتون والجامدون فـي مدينة الشحر يغالون فـي ذلك , وماحدث مع الفنان باحسن خير دليل على ذلك . وكان هؤلاء لـم يظهروا أي نوع مـن المعارضة عندما كان باحسن يجتمع بفرقة مــن أصدقائه , هــم فـي الاصل من يشاركه في السماع الصوفي ( الحضرات ) التي كانت منتشرة في الشحر وفـي غير الشحر من مدن وقرى محافظة حضرموت . وهـذا الامر أنقلب عليه بعد أن كل فرقة أخرى من أبناء بلدته وهي التي (( وهبت نفسها لتطوير الفن الغنائي ونظمه وتلحينه في قوالب تستهوي قلوب الجماهير وتدخل السرور عليهم )) , ولم يكن فن الغناء بدعة في مدينة الشحر ولافـي غيرها من أجزاء محافظة حضرموت , ولم تكن الآلات الموسيقية المذكورة وغيرها على خلاف أو فراق من فن الأغنية , ولكن هجوم هؤلاء المغالين الشرس كان لباحسن نفسه الذي يرون أنه أرفع مـن أن يرمي بنفسه في هذه المزالق , ثم لكونه يعلن ذلك في غير مواربة ويضرب بأوهامهم عرض الحائط . وإذا وصف باحسن بإنه كثيرا مايتجمل بالصبر فإنه أحيانا يشن عليهم حربا مضادة فـي بعض قصائده , ويجالدهم بالحجج الدامغة , ومن هذه المجالدات أن يخط بقلمه الجميل كتاب ( بوارق الألماع في تكفير مـن يحرم السماع ) الذي ألفه أبوالفتوح أحمد محمد الغزالي المتوفي سنة 520هـ(1126م) وهو أخو حجة الاسلام محمد بن محمد الغزالي , ونسخة باحسن هذه محفوظة بمكتبة الاحقاف للمخطوطات بتريم تحـت رقم (26) مجاميع , وقـد كتبها عام 1306هـ(8/1889م) أي وعمره ثمان وعشرين سنة .( جعفر القاف , باحسن من أنصار الغناء ) . وهناك تعليق لشيخ الالام العلامة محمد علي الشوكاني على كتاب أبوالفتوح الغزالي , قال فيه : (( وهذه التسميه في غاية الشناعة )) , ولكنه كان يذكر في ذلك الكتاب مثلا : إنه صلى الله عليه وسلم سمع الجواري يغنين بالدف كما في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء ( أخرجه البخاري وغيره ) , ثم يقول بعده : ( فمن قال أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع حراما , ومامنع عن سماع حرام , واعتقد ذلك , فقد كفر بالأتفاق ) وساق الأدلة علـى هذا المساق : ( انظر كتابه إبطال دعوى الإجماع على تحريم مصلق السماع , ص27 ) . لقد ناضل باحسن في سبيل ذلك نضال الابطال , وحقق نصرا مؤزرا , وكان قد سبق أهل زمانه فــي إدراك قيمة الفن وضرورته , وان ماتمتع به الفنانون الذين أتو بعده , لم يكن إلا بعد أن مهد لهـم هـذا المــبدع العبقري السبيل فخرجوا الى الجماهير معلنين فنونهم التي تطورت فيما بعد الى المخادر المعروفة . بيئة الفنان باحسن : قال معبد الرائد الاول للموسيقى والغناء العربي : (( أصل الغناء جميله وفروعه نحن )) وفي قوله تتجلى حقيقة إن الفنان إمتداد للفنان , إذ أن العصر الذهبي للموسيقى الـذي بزغ فـيه الموصلي وأبنه و زرياب ومــن عاصرهم لم يكن إلا ثمرة الفن الاموي الذي سبقهم واتاح لهم الظروف للتطوير والنماء والتجديد . ولـم يكن باحسن وصحبه ومـن عاصره إلا أمتدادا لفنون أزدهرت وتطورت وتراكمت منذ وقت طويل كانت ثمرته أشارات الى الرقص والغناء في القرن العاشر الهجري , وإذا خبت وجد هذه الفنون , فإن السبب يكمن فـي إنتشار موجة التصوف العارمة التي أجتاحت عموم محافظة حضرموت , ألا أنها لم تنقطع وإنما ظلت تمارس بعيدة عن الأضواء وفي الأماكن الخاصة . إننا نعلم بعدم وجود كتب ودراسات أرخت للفن , ونعلم أيضا أن مؤلفات باحسن لــم تحبر لأجل الـفن وتاريخه , ومع ذلك سوف نبحث فيها عن أخبار الفن والفنانين . ففي مقامته المعروفة بالسواحلية , قال معللا رغبته في العودة الى مسقط رأسه : (( فالشحر فـيها حسن المنقلب , وفيها الأسمار والطرب , بين الفوف والمداريف والأوتار , حنُة الهاجر( باغبار) , مع الأخوان والاخيار , أهل الصمل والدرق والشفار , وخاصة في ليالي القمر السيار )) . وهو هنا يذكر نوعين من الفنون : الفنون الطربية أي الأغنية ومايرافقها من الآلات الوترية وآلات النفخ والآلآت الإيقاعية , ثم الفنون الشعبية وهي على أقـل تقدير رقصتي العدة والشبواني , لأنه ذكر أدوات الرقصه : الصمل والدرق والسكاكين والآلة الرئيسية فيها وهي (الهاجر) الطبل الكبير , وخص منها المشهور بإسم ( باغبار ) هاجر عدة حي عقل باعوين . وقد كتب قصيدة بمناسبة قـدوم المطرب عبدالرحمن بـن حسن بن الشيخ أبوبكر المعروف فـي مهجره بمدينة بومبي الهندية بعبدالرحمن اليماني , وقـد توفي بمارس(1902م) بمسقط رأسه الشحر بعــد مضي سنتين وأشهر من قدومه , وقد وصفه بإنه المطرب المغني العازف على العود الذي يتفوق على كبار الفنانين قديما وحديثا في الأداء على الألحان صوتا وعزفا . وأفاد بإنه حضر وأستمع لفنه في روحات كان يعقدها الفنان , ونحن نعلم أن الفنان الكويتي عبداللة الفرج قد عرف الفنان عبدالله الرحمن بمدينة بومبي وصاحبه وقد تتلمذ عليه وأخذ عنه الكثير من الأغنيات اليمنية كلمة ولحنا وطريقة آدائها . وعندما ذكر في كتابه التاريخي السيخ أحمد بلفقيه المولود بالشحر والمتوفي بإندونيسيا عام 1289هـ /1872م أشار بإنه يحيي الليل بطـوله على رنات الوتر . وكان يطربه فيه أخوه محمد الذي يسمي عوده الطربي ( أنس السامعين ) ويضيف السقاف فـي تاريخ الشعراء الحضرميين بإن محمد هذا صاحب صوت شجي وهــو مطرب مبدع . وقـد كتب باحسن في هذا الكتاب ترجمة لجده عبدالله بن أبي بكر المتوفي في الشحر عام 1781م , وقال عنه : (( كان شغوفا يحب الغناء والألحان الشجية والأصوات المطربة , وكــان أكثر مايهوى أصوات الشـرح واللعب عليه وهـو المعهود على قاعدة أهل الجهة الحضرمية )) وهو المعروف كما أظن بأصوات الزفين , وفـي كتاب السقاف تاريخ الشعراء الحضرميين ترجمة لعبداللة باحسن نفسه قال فيها : (( وإذا لم يجد من يطربه ويشجيه تغنى بصوته الشجي كوراثة عن أبيه وجده )) . ومن هنا نعلم أن أباه وجده كانا على صلة بالفن وانه نشأ في بيت للفن , للموسيقى والغناء نصيب منه , إضافة الـى الامتداد عند بافقيه وأخيه محمد وعبدالرحمن اليماني , وهـناك آخرون لكننا لانعلم صلته بهم , وتتضح صلته غير المباشرة بمن سبقوه فقد ذكر الفنان الشاعر أحمد بن زمل وأورد له قصيدة في تاريخه , وعرف الفنان الشاعر خوعلوي وعارضه في إحدى قصائده . ونعتقد إن هناك فرق وأفراد يغنون أغنيات ترد الى المنطقه من خارجها , علاوة علــى ماينتج محليا , وعلى وجه الخصوص من جاليتنا في الهند ومن مصر , فـقد أكثروا من تقديم أغاني يحي عمر ومن قصائد البهاء زهير وعبدالرحمن العيدروس نزيل مصر . أما الاغنـية المعروفة بالصنعانية , فـهي واردة لامحالة والتأثر بهـا واضح . وكنا قد قدمنا نماذج مـن معارضات باحسن لقصائد شعراء هذا اللون مـن طربية وصوفية , وتحضرني الان قصيدة أحمد بن حسين المفتي(ت 1294هـ-1877م) والذي يعرف بالإبي لنشأته ببلدة إب القريبة من تعز , وكان من الشعراء المبرزين في عصره , وهو صاحب الغنائية الشهيرة ( صنعاء حوت كل فن ) ومطلعها : يقرب الله لي بالعافية والسلامة وصل الحبيب الأغن وقد حقق ديوانه الدكتور محمد عبده غانم وأعطاه عنوان تلك الأغنية( صنعاء حوت كل فن ) , وفــي صفحه(45) منه وتحت رقم(22) قصيدته التي مطلعها : لك الجمالة ويهناك الظفر والبشائر ملكت قلب العميد فعارضها باحسن بقصيدة أشتهرت كثيرا ونقلت الى الخليج وتغنوا بها هناك وهي : لك البشارة ملكت القلب باطن وظاهر فأحكم على ماتريد نعم لقد تركت الأغنية اليمنية وخصوصا الأغنية الصنعانية تأثيرا عليه , شارك فـي ذلك المداحون الذين يجوبون اليمن كله عرضا وطولا وهـم يتغنون بالقصائد مع ضربهم بالطارات , وإذا قيل لنا أن كثيرا مـن هـذه القصائد تنسب للشاعرجابر رزق( ت 1904م ) الذي نشأ في صنعاء وتصوف وأرتحل الى تهامة وسكن الحديدة , فإن هذا الشاعر الصوفي قد زار مدينة الشحر عام 1216هـ-1898م , وليس لدينا شك في أن الشاعر باحسن قد حضر معه عدة جلسات على الأقل جلسات الصوفية التي تعرف بالحضرات وقـد عرف قصائده ربما قبل زيارته وقد عارض ثلاث منها . وفي ديوانه ذكر لعدد من الفنانين العرب الأوائل ومنهم : أبو عباد معبد بن وهب , الشهير بمعبد , وهو المغني الأول في العصر الأموي والذي شارك فــي تشجيع جنازته الخليفة الأموي الوليد الثاني بنفسه . وإسحاق الموصلي وأبنه إبراهيم وهما من أشهر المغنيين في العصر العباسي . وأبوعيسى المفضل بن هارون المشهور بإبن هارون . وبدعة الحمدونية المغنية الشاعرة والاديبة . ويحيى . الالفاظ الدالة على الغناء والاته : إذا كانت لفظة ( الطرب ) دالة على الغناء , فإن التطريب هو من الصوت وتحسينه , فالمطرب هو الذي يطرب غيره بحسن صوته وغنائه , وعلى ذلك فإن كل الالفاظ الدالة على الطرب وتحسين الصوت تدخل فـي هذا المعنى . وإذا نظرنا الى ديوان الشاعر عبدالله باحسن فسنجد كثيرا مــن الالفاظ الداخلة تحت هذا المعنى وعلينا ضرب الامثلة : ( مطرب , ردد , شل , لحن , صوت , ناح , دان , سجع , نسنس , طاب , السمر , الغناء , المغاني , غنى , شجاني , حرك , السماع , حادي , رنات , نغم , شدى , ترنم وغيرها ) . وهناك ذكر للآلات التي تساعد هؤلاء المطربين لزيادة التطريب , وقـد ذكر باحسن بعض الآلات الموسيقية التي كان يستعملها ويعزف عليها الفنانون الذين عاصرهم من أفراد فرقتيه الصوفية والطربيه والآخرون ومنها : ( العود , الموتر , الوتر , الاوتار , المزهر , الزاهر , عـود الوتر , عود الطرب , مزمار , الـمدروف , يدرف , القصبه , الطار ( الدف ) , الساج ( طبل ) , المرواس ( طبل صغير) ...) . وقـد سجلنا هذه الالفاظ كما وردت في بعض أبيات قصائد الشاعر , دون أي تدخل منا , وكان أختيارنا عشوائيا ودون ترتيب , ولم نكتب الالفاظ المكرره , وقد لاحظنا فيما وقفنا عليه مـن قصائد الديوان عدم ذكر لفظة ( القنبوس ) ولا الربابة ولا الكمان أو الكمنجة ولا السمسمية ولا آلات إيقاعية أخرى معروفة فـي المنطقة , وذكر ( الهاجر ) في أحدى مقاماته , اما في الشعر فهو ( الساج ) أي الطبل الكبير . المطربون والمغنون المعاصرون لباحسن الشعر ليس تاريخا ولكنه من المصادر الهامة للتاريخ , وأن كان مـن المصادر الثانوية , فالشعر ديوان العرب لأنه سجل لأخلاقهم وعاداتهم بل هو صورة لحياتهم في مختلف النواحي . ولما كان الغناء وموسيقاه لاينظر الى محترفيه نظرة تقدير واحترام , لانرى فـي كتب التاريخ المحلي من ألتفت الى هؤلاء بقصد الإشادة بهم وبفنهم من قريب أو بعيد , وحتى كتاب تاريخ باحسن , فبالرغم من أنه فنان ويهتم بالفن فإننا لانراه يؤرخ له ولا لأصحابه , وإذا ذكر أحدهم فإنما أتى ذكره عرضا , والذين ذكرهم قليل وكلهم منشدون , ونحن نعذره لأن كتابه كان لعلماء المدينة ومشايخها . ولـم يرتق أحد عندنا بالفنانين الى مرتبة المشيخه والعلم . لهذا كان التوجه الى ديوان الشاعر للبحث عن أسماء هؤلاء المطربين والمغنيين والعازفين من الذين عاصرهم الشاعر وذكرهم في شعره قصدا وبدون قصد . والمعروف إن الشاعر عبدالله باحسن كون فرقة للغناء من عدد من أبناء مدينته الشحر , كلهم آمنوا برسالة الفن وضرورة أعلانه والرفع من شأنه وتوطيده ونشره بين أوساط الجماهير . وقد أشار الأستاذ محمد بامطرف الى أعضاء هـذه الفرقة التي كانت تعرف ب(البشكة) ثم أطلق عليها تسمية(الجماعة) , على أثر قصيدة لعضو الجماعة الشاعر سعيد بن علي بامعيبد , وقد أرسلها مع الربان حاج بن طرش والد الفنان عبدالله حاج , وربان السفينة(نور البحر) الملقبة( الصرك ) , وكان بامعيبد بمدينة بومبي والسفينة متوجه منها الى المكلا , فخاطبه بامعيبد قائلا : مرعلى الشحر وأنشد عارئـيس (الجماعة) نعم(بوعيدروس)في الانس ماأطوله باعه وإن حضرت الصفاء أقعد ولو نصف ساعه عندهم بايشل منك الهموم (إستماعــه) وكانت الجماعة مكونه من : " عبدالله باحسن نفسه وكان شاعرا وملحنا ومغنيا حسن الصوت . " سلطان بـن الشيخ علي وكان مغنيا جيدا وملحنا وعازفا ممتازا على العود القديم , وقـد جلب معه عودا هنديا يقرب كثيرا من العود المحلي( القنبوس ) . وقد أوقع هذا بعض المؤرخين والكتاب فـي وهم جعلهم يعتقدون أن الفنان سلطان أول من أدخل العود والعزف عليه الى حضرموت , وهو خطأ شائع . وتـوفي في مهجره بمدينة بومبي عام 1904م . " سعيد علي بامعيبد , صديق باحسن الأول وهو أحد الفاعلين المهمين من الجماعة وهو مــن رشح الفنان سلطان لعضوية الجماعة , وكان مؤرخا وأدبيا وشاعرا وملحنا وتوفي بالشحر عام 1921م . " سعيد عمر بن عقيل وكان منشدا مشهورا في الأحتفالات ورواية للشعر . " أحمد عمر باقيسي وكان مغنيا عذب الصوت يشارك في تلحين وغناء أصوات رقصتي العدة والشواني . " عبود بامعبد وكان ناقرا على الدف وكان حسن الخط إذ يقوم بكتابة القصائد ويوزعها علــــى أعضاء الجماعة وينشرها بين هواة الغناء . " صالح أحمد الحامدي وكان عازفا ممتازا على الكمنجه وملحنا وقد هاجر الى شرق أسيا . " حسين أحمد الحامدي شقيق صالح , وكان شاعرا رقيق الاداء , عاد من مهجره أندونيسيا وتـوفي بسيئون عام 1946م . " عبدالنعيم خميس وكان عازف الجماعة الأساسي عـلى القنبوس ( العود المحلي ) وهو والـد الفنان القدير سعيد عبدالنعيم وتوفي بالشحر في نحو 1934م . " عبدالنعيم فرج الله وصفه الأستاذ بامطرف قائلا : (( أقدر من عرفت من أهالي الشحر في وقته تعاملا مع المدروف والمزمار )) وقد أسس بناته الثلاث فرقة نسائية عرفت بفرقة ( نعيمات ) أشهر مـن كن يؤدين رقصة ( الفلاتي ) الشجية غناء وضربا على إيقاعاتها . وأبنه نافخ القصبة فـي فرقة الزربادي بالشحـر وتوفي في نحو1942م . ونحن إذا رجعنا الى قصائد الديوان لانجد ذكرا إلا لأربعة هـم : المطرب سلطان بن الشيخ علـي وقد نظم باحسن قصيدة في سمر معه كما يقول في الديوان وقد ذكره بالأسم ( سلطان بالصوت ناح ) . وذكر أحمد باقبيسي وسعيد بن عقيل كل على حده في قصيدتين , ذكر باقبيسي فـي قصيدة شكوى وموقف من أهل زمانه , وبن عقيل في قصيدة جاءت في شكل نصيحة . أما عبود بامعبد فقد ذكره في قصيدتين جاءت الأولى في شكل نصيحة وكانت الثانية من قصائد سمر قناصة الوعول الجميلة المعروفة بقصائد ( بني مغراة ) . وفي الديوان ذكر لمغنيين ومنشدين أخرين عرف | |
|