الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في محاضرة ألقاها بمركز الدراسات الاستراتيجية:مصطلح (القضية الجنوبية) يضع الجنوب في إطاره السياسي والتاريخي كطرف في الوحدة ..الذعر الذي عبرت عنه السلطة بالسير نحو الاستبداد دفع قطاعات إلى التعبير عن نفسهاعن «الأيام» عن «الصحوة نت»د.ياسين سعيد نعمان أثناء ألقاء محاضرته وبجانبه د.الأفنديأكد الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في محاضرة في مركز الدراسات الإستراتيجية أمس الأربعاء أن الوحدة بالنسبة للحزب الاشتراكي تمثل مشروعاً وطنياً وخياراً لا تراجع عنه.
وقال الدكتور ياسين سعيد نعمان:«إن هذا الموقف للحزب يرد على من يقيمون الوحدة بأنها مجرد اقتسام للمناصب».
وفيما يلي نص محاضرة الدكتور ياسين سعيد نعمان:«كانت انتخابات 2006 الرئاسية على وجه الخصوص قد مثلت محطة مهمة وضعت البلاد على مفترق طريقين: الطريق المفضي إلى تعزيز الخيار الديمقراطي، ويصبح الشعب فيه لاعباً رئيسياً في تقرير مستقبل البلاد باعتبار أن الديمقراطية ستنقل العبء الأكبر إليه فيما يخص شئون الحكم وما يرتبط بها من اختيارات ومسئولية، أو الطريق الذي يكرس الهامش الديمقراطي المسموح به والذي لا يجب أن يتجاوز حاجة (النظام) المغلق إلى الديكور الخارجي لتوليد فضاء ذهني يسمح له (أي لهذا النظام) بتوسيع عقوده مع كل من يرغب في الالتحاق بركبه أو الدوران في فلكه.
ولأن الانتخابات قد كشفت للنظام وسلطته عن أن الهامش المسموح به عن الديمقراطية والذي ظل يوظف لإعادة إنتاج هذه السلطة على نحو دوري لم يعد مقبولاً شعبياً بعد أن تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية لدرجة غير مسبوقة، وأنه من غير الممكن أن يواصل الناس رهن خياراتهم لمثل هذا الهامش الضيق، فقد أعطى ذلك مؤشراً جاداً عن أن الديمقراطية قد تجاوزت المسموح وبالتالي لابد من إعادتها إلى وضعها القديم وتقطيع الزوائد عبر عمليات استئصالية سريعة، بل أن العمليات العشوائية والمذعورة تجاوزت الزوائد إلى الهامش القديم، وراحت تفتش عن وسائل قانونية وغير قانونية لوضع قيود جديدة على الديمقراطية والحريات بهدف ترويضها وفقاً لحاجة النظام.
هذا الذعر الذي عبرت عنه السلطة بالسير في الطريق المفضي إلى الاستبداد دفع قطاعات من التجمع إلى التعبير عن رفضها باستنهاض الفعل الديمقراطي الكامن والذي لم يجرب بعد إلا في حدود ضيقة، وفي المواقع التي تصبح فيها استنهاض هذا الفعل لأسباب وعوامل عديدة، بدأ حراك ديمقراطي من نوع آخر، وكان الحراك السياسي في الجنوب قد توفرت له عوامل وشروط الظهور والبدء على نحو مكنته من أن يتصدر الحراك السياسي والجماهيري على صعيد البلاد من حيث المبادرة وقوة الحشد وتماسك الروابط الداخلية وانتظامه في سياق متصل بظروف المعاناة الذاتية لمتسببه، وما شهده هذا الجزء من الوطن من ظروف حرب 1994 جعلت المشهد السياسي والاجتماعي فيه يبدو وكأنه غرفة عمليات طوارئ حتى استطاع الحراك أن يعيد بناء المشهد على النحو الذي جعله أكثر تعبيراً من الناحية السياسية والمعرفية عن حاجة الجنوب إلى احتشاد سياسي (وليس عصبوي) يمكنه من إعادة الاعتبار لمكانته في المعادلة الوطنية كطرف أساسي في الوحدة، وهي المكانة التي خربها إحلال القوة محل الديمقراطية والسلام.
جرى التعبير عن هذا الاحتشاد وأهدافه (بالقضية الجنوبية)، وهو مصطلح لا يحمل دلالات انفصالية، كما يحاول البعض أن يفسر ذلك، ولكنه يضع الجنوب في إطاره السياسي التاريخي كطرف في الوحدة اليمنية، طرف وليس ملحق، والسؤال: هل الحراك السياسي هو الذي خلق (القضية الجنوبية) أم أنها هي التي تسببت في الحراك ودفعت به إلى السطح؟
الحقيقة أن هناك علاقة جدلية بين الفطرة كأساس موضوعي وتعبيراتها التي تجلت في صورة ذلك الحراك السياسي الذي دفع بالفكرة إلى الصدارة.
فالحراك السياسي لم يخلق القضية على نحو إرادي، وبدون أساس موضوعي، أي أنها لم تكن مجرد رغبة في اصطناع (عنوان) تعبوي مشاغب يضمر مشروعاً انفصالياً – كما يقول البعض، فمسارات الحراك وما صاحبه من حوارات فكرية وأسئلة ذات بعد سياسي وطني عميق قد كشفت الغطاء عن حقيقة الوضع السياسي القائم ووضعته تحت المجهر في صورة الأزمة البنيوية التي تمر بها البلاد، وهو ما يجعلنا نتبع الأساس الموضوعي لهذا الحراك في سياقاته التاريخية، أي أن هناك قضية وراء هذا الحراك ملازمة له اتجه بها نحو بلورة صيغة وطنية في غمار تفاعل جماهيري استلهم المكون الموضوعي لها في مضمونها السياسي والثقافي عبر المراحل الثلاث التي مرت بها، وهي:
المرحلة الأولى: وهي التي تمتد من الخمسينات والستينات من القرن الماضي حيث كان الجنوب مقسماً إلى 23 سلطنة ومشيخة وإمارة ومستعمرة، قبل أن تنجح ثورة 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية في تحرير الجنوب وتوحيده في دولة واحدة.
ويرى البعض أن (القضية الجنوبية) تبدأ من هنا من التشكيك في شرعية هذه الخطوة التي تعسفت الوضع السياسي – التاريخي للجنوب- كما يقول أنصار هذا الرأي، وأكسبته صفة مختلفة لحقيقته، وحولته من جنوب عربي إلى جنوب يمني مستندة إلى الفكرة القومية الأيديولوجية يومذاك.
والأساس في ذلك هو الشرعية الثورية حيث لم يستفت شعب الجنوب على ذلك كما يقولون، الأمر الذي يترتب عليه من وجهة نظرهم بطلان كل ما أحدثته الدولة بعد ذلك من تغييرات جوهرية في وضع الجنوب سواء في صورة الوحدة التي فرضت على إماراته ومشيخاته وسلطناته (مكوناته السياسية)، أو وحدته فيما بعد مع الشمال.
هذا التفسير (للقضية الجنوبية) الذي يعود بها إلى هذا التاريخ المبكر ليس مقطوع الصلة بمشروع سياسي كان حاضراً بقوة يومذاك، لكن ليس بالضرورة أن يكون أصحاب هذا الرأي اليوم هم أنفسهم أصحاب المشروع القديم، هؤلاء يحاولون اليوم الاستقواء بقراءات تاريخية إضافة إلى واقع التجزئة الطويل الذي كان قائماً في ظل السيطرة الاستعمارية، وجميعها هزمت في الصراع السياسي التاريخي للجنوب.
أثناء الصراع بين النظامين قبل الوحدة قام النظام في صنعاء بمختلة سياسية فيها الكثير من النزق بهدف حشد أصحاب (هذه القضية) ضد النظام في الجنوب، وجرى الاحتفاظ بجيوب منها ثم توظيفها بعد الوحدة لمواجهة الحزب الاشتراكي.
المرحلة الثانية: وتبدأ مع قيام الوحدة بين الدولتين: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 1990، وهناك من يرى أن (القضية الجنوبية) تبدأ من هنا من هذا التاريخ بسبب أن الوحدة المعلنة جرى سلقها على عجل دون مراعاة الشروط الموضوعية لنجاحها واستمرارها، ويتحدث هؤلاء عن اهتمام قيادتي الدولتين فقط باقتسام السلطة والوظائف دون رؤية إستراتيجية لبناء دولة الشراكة الوطنية بقواعد دستورية وقانونية واضحة، ويقول هؤلاء إن قيادة دولة الجنوب لم تستفت شعب الجنوب في الوحدة، بل رتبتها من وراء ظهره، وهذا المنطق في الحقيقة لم يظهر سوى مؤخراً في محاولة لبلورة مزيد من معطيات (القضية) التي ينسبونها إلى مرحلة الوحدة.
واللافت للانتباه أنه مع كل مرة تبرز هذه القضية على نحو معاكس لطابعها الوطني تتحول إلى محور ائتلافي لكل القوى اليمنية التي كان لها حسابات خصومة مع نظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بما في ذلك قيادة الجمهورية العربية التي استمرت بعد الوحدة تقدم الذرائع من حيث ندري ولا تدري لبلورة هذه القضية بهذا المفهوم نكاية بالحزب الاشتراكي الدولة التي توحدت معها.
فبعد الوحدة مباشرة كرست القيادة في الشمال وأجهزتها حملة واسعة تصب في نفس المجرى الذي يذهب إلى القول أن الوحدة سلقت سلقاً وأن شعب الجنوب لم يستفت عليها.. إلخ، وذلك عندما ظلت تردد على نحو واسع أن قيادة الحزب الاشتراكي هربت إلى الوحدة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وكان الهدف هو كسر مكانة (الشريك) الآخر في الوحدة وإظهاره بأنه لم يأت إلى الوحدة إلا مجبراً، وهذا يضع فارقاً عمليا بين إرادة قيادة هاربة من مصيرها إلى (الملاذ الآمن)وإرادة شعب لا تمثله هذه القيادة ولم تأخذ رأيه (وفقاً لحملة قيادة الشمال التي لا زالت حتى اليوم) لانشغالها بنفسها، وهو ما يسوغ الآراء التي يطرحها البعض اليوم والتي تقول أن الوحدة التي وقعتها هذه القيادة لا تعنينا في شيء، كانت الحملة ولا زالت سبباً في إرباح ركن أساسي من أركان الوحدة وهو ركن الإرادة أي إرادة التوقيع الممولة بالحق الدستوري والقانوني وغيرها من الشروط في تمثيل مصالح شعب الجنوب في دولة الوحدة الجديدة. لقد عمدت هذه الحملة إلى إظهار القيادة التي وقعت الوحدة مع قيادة الجمهورية العربية اليمنية وكأنها تعسفت شعب الجنوب بإقحامه في وحدة غير مدروسة مجهولة النهايات، مع العلم أنه لا يوجد أي برهان سياسي أو اقتصادي أو معنوي من أي نوع كان على أن الشمال يومذاك كان بمثابة ملاذ آمن لأي قيادة أو دولة هاربة أو أن الهروب إليه مغرٍ لأن الأوضاع الاقتصادية هناك كانت أسوأ بما لا يقاس مع الأوضاع في الجنوب لدرجة أن ضمانات البنوك التجارية كانت تعاد من الخارج بسبب الوضع المالي الحرج، ناهيك عن الأوضاع السياسية المضطربة التي دفعت بالنظام إلى الهرب إلى اتحاد التعاون العربي الذي ضم مصر والعراق والأردن.
هذا الأسلوب الذي تعاملت به قيادة صنعاء مع ا لقادمين من عدن فتح ثغرة مهمة في جدار الوحدة منذ اليوم الأول الذي انطلقت فيه تلك الحملة، تدفقت منها أسئلة كثيرة حول شرعية هذه الوحدة، فإذا كانت صنعاء لا ترى في الطرف الآخر (الشريك) إلا هارباً يجب التعامل معها كلاجئ، فكيف سيتم ترتيب أوضاع دولة الوحدة وشراكتها في وضع كهذا!! أي أن هذا (اللاجئ) عليه أن يقبل ما يعرض عليه فقط، ولا يجوز له أن يفكر أبعد من ذلك.
وبسبب هذه القاعدة التي تمسكت بها قيادة صنعاء كإطار عام بعلاقتها بالشريك القادم من الجنوب تعثر برنامج بناء دولة الشراكة الوطنية واصطدمت بعقبات حقيقية جعلت الفترة الانتقالية تمر دون القيام بأي خطوات جادة لتنفيذ اتفاق الوحدة الخاصة باستكمال أسس بناء الدولة الوطنية الوحدوية، وعوضاً عن ذلك تم العمل باتجاهين لتصفية دولة الجنوب وأجهزتها ومؤسساتها، وتكريس مؤسسات وأجهزة دولة الشمال كأساس للدولة الجديدة.
كانت هذه العملية هي أبرز تجليات الصيغة الإلحاقية التي انقلبت على الوحدة ودولة الشراكة الوطنية، والتي مهدت لها كما قلنا، تلك الحملة التي أطلقتها قيادة صنعاء ضد شريك الوحدة، ناهيك عما أطلقته من إشاعات وحملات من أن تلك القيادة استلمت ثمن الوحدة،كل ذلك بهدف تمرير مخطط الضغط الرامي إلى التخلي عن بناء دولة الشراكة الوطنية لشطري البلاد والتي كان التمسك ببنائها يعني فيما يعنيه إعادة هيكلة النظام السياسي على أسس مختلفة، وهو ما لم تسمح به قيادة صنعاء التي مكنتها عوامل كثيرة من أن تغدو القوة المطلقة المسيطرة على مركز القرار.
كان هذا المحرك الحقيقي للأزمة السياسية، رافق ذلك البدء بعملية الاغتيالات والتفجيرات ضد قيادات وكوادر دولة الجنوب والحزب الاشتراكي والتي أودت بحياة الكثيرين وخلقت الهلع والخوف وسط حملات التكفير والتعبئة والتحريض بالقتل، في حين تولت الصحف الرسمية مهمة تغطية مثل هذه الأعمال وتبريرها والدفاع عنها أحياناً، لقد ولدت هذه الأعمال إحباطاً عاماً واتسعت معها بل وتعددت الثغرات على جدار الوحدة.
وفي هذه الأجواء طرحت وبقوة فكرة دمج الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي، وكان واضحاً أن فكرة الدمج هي المحاولة الأخيرة لقتل مشروع بناء دولة الشراكة الوطنية الديمقراطية التي تجسد المضمون الحقيقي للوحدة، غير أن هذه الفكرة رفضت من قبل الحزب الاشتراكي، وهو ما يؤكد أن الأزمة التي نشأت بين طرفي الوحدة كانت تدور حول فكرتين:
إما -1 شراكة سلطتين. أو -2 شراكة دولتين.لقد كان رفض الحزب الاشتراكي لعملية الدمج منسجماً مع رأيه وموقفه من رفضه لفكرة شراكة السلطتين على حساب الشراكة الحقيقية التي كان يصر أن يكون الجنوب فيها ممثلاً وشريكاً كاملاً في دولة الوحدة، ورفض بالتالي الشراكة نيابة عن الجنوب، ولو أنه قبل ذلك النوع من الشراكة أي شراكة السلطتين لجاز اتهامه بالتخلي عن الجنوب كما يردد البعض اليوم، ولكنه تمسك بحق شراكة الجنوب في دولة الوحدة ولا زال حتى اليوم يتمسك بذلك.
إن هذا الموقف للحزب يرد على من يقيمون الوحدة بأنها مجرد اقتسام للمناصب أو أنه هروب إلى الوحدة، لقد كانت الوحدة بالنسبة للحزب مشروعاً وطنياً كما هي اليوم، سواء وهو في السلطة أو اليوم وهو في الشارع ولن تكون غير ذلك.
لقد ظل الحزب الاشتراكي في وضعه المحاصر بعد الوحدة يصر على قيام دولة الشراكة الوطنية الديمقراطية، غير أن مقومات هذا المشروع كان يجري تقويضها وإضعافها بتوظيف العوامل التالية:
-1 إن الإرادة السياسية لقيادة صنعاء اتجهت نحو إضعاف وكسر إرادة الشركة باستخدام كل الوسائل بما في ذلك ضغوط التفجيرات والاغتيالات وحملات التكفير وغير ذلك من حملات التشويه والوسائل التي أتاحتها ظروف ما بعد الوحدة، ساعدها في ذلك احتفاظها بموقعها وأجهزتها ومؤسساتها كاملة في السلطة والتي شكلت مصدر قوتها ورجحان كفتها في التعامل مع الشريك.
-2 تراجع الإحساس بالوحدة كمشروع استراتيجي للوطن وإعادة (صياغتها) في الوعي من خلال وقائع الحياة على أنه مجرد مشروع للإلحاق وهو ما عبرت عنه قيادة صنعاء في تلك الفترة في أكثر من مناسبة.
-3 لم يشرع للشراكة الوطنية على النحو الذي يجعل التمثيل في هيئات ومؤسسات الدولة المختلفة معبراً عنه بمعايير أخرى غير معيار السكان الذي أخذ به قانون الانتخابات والذي كان يجب أن يكون موقع اتفاق إرادتين سياسيتين.
لقد نشأ عن هذا الوضع أنه بينما مثل الجنوب في السلطة التأسيسية لدولة الوحدة بشكل عبر عن دولة مقابل دولة، فإنه بسبب هذا الوضع المستجد أخذ تمثيل الجنوب يتقلص في هيئات ومؤسسات السلطة على نحو بدا وكأنه يختزل بصورة أصغر من مكانته كشريك أو كطرفٍ ثانٍ في الوحدة.
أدى هذا التراجع المفاجئ في التمثيل في مؤسسات (دولة الوحدة) إلى طرح سؤال حول مستقبل الشراكة التي تمسك بها سكان الجنوب لتأمين حقوقهم السياسية والاقتصادية والحقوقية المطلبية.
المشكلات التي أسفرت عنها تطبيقات السنوات الانتقالية (1993-1990) يراها البعض سبباً في بلورة (القضية) على هذا النحو والحقيقة أن الجانب الأكبر من هذه المشكلات لم تكن موضوعية بقدر ما كانت إرادوية، أي أنها صنعت صنعاً بصورة معاكسة لمضامين الوحدة واتجهت بالبلاد نحو أزمة حادة تداعت فيها القوى السياسية إلى بحث الأزمة والتوصل إلى ما عرف بوثيقة العهد والاتفاق.
ما حدث بعد ذلك معروف، ولا مجال لبحثه هنا، فقط نريد أن نستخلص من هذه المرحلة نتيجة مهمة وهي أن فرقاء الحياة السياسية الذين تصدوا لبحث الأزمة اعترفوا بها وسلموا بأن حلها حماية للوحدة يكمن في تطبيق وثيقة العهد والاتفاق، والسؤال هو لماذا تخلت عنها السلطة المنتصرة في الحرب (حرب 1994)؟
الواضح أنها لم تكن في الأساس تعترف بوجود أزمة حقيقية ناشئة عن المشكلات التي أفرزتها الفترة الانتقالية أو كشفت عنها كمشاكل موضوعية، ونظرت إلى المسألة من زاوية مختلفة وهي أنه بمجرد إخراج الحزب الاشتراكي من تحالف الحكم بالحرب فلن تبقى هناك مشكلة أو أزمة.
لم تستطع أن تفرق بين ما اعتبرته مشكلة الحزب الاشتراكي من ناحية ومن ناحية ثانية بين المشكلة الحقيقية المرتبطة بشراكة الطرف الآخر في الوحدة الذي هو الجنوب الشريك الفعلي الذي قاده الاشتراكي إلى الوحدة ورفض أن يكون شريكاً نيابة عنه.
***********
للموضوع بقية