الأسعاء المـديـر العـــام
عدد الرسائل : 1199 المزاج : احترام قوانيين المنتدى تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| | خدمات سيادية للإيجار ! - بقلم : السفير / عبدالله باعبّاد | |
الأسعاء"متابعات:في مؤشر آخر على تنامي الإهتمام والقلق الدولي مما يجري في اليمن ومن تبعات ترك الأمور تسير وفقا لرغبات وأهواء المتنفذين في حكمها ، كشفت مجلة السياسة الخارجية الصادرة يوم السابع عشر من نوفمبر الحالي معلومات عن وجه آخر من أوجه السقوط المتسارع لمنظومة وقيم الحكم القائمة في صنعاء وللعبث الفظيع الذي كان مسكوت عنه حتى وقت قريب . المعلومات التي وردت في المقال ربما لا تضيف كثيرا أو جديدا بالنسبة لنا في الجنوب فقد شهدنا وعشنا وعانينا الكثير ، لكن العالم صمت طويلا وتجاهل وتساهل كثيرا ، وهو يفيق الآن على حجم كارثة مهولة لا يعرف كيف ومن أين يبدأ في معالجتها إذا كان هناك بقية من أمل .
وقد سلطت المجلة الضوء على سلسلة من الممارسات الخطيرة ، التي تقوم بها منذ وقت طويل السلطة وعدد من أهم أجهزتها ، وتنطوي على قدر كبير من الإستهتار بالقانون وعدم المسؤولية تجاه مواطنيها وتجاه قضايا في غاية الحساسية تمس الأمن والإستقرار الإقليمي والدولي ومصالح العديد من الدول . ومن بين ما أشارت اليه المجلة أن القيادة اليمنية ، وبالإضافة إلى مساعيها لدفع الولايات المتحدة لرفع مساعداتها العسكرية لليمن لأربعين ضعفا عما هي عليه الآن من أجل محاربة القاعدة ، فأنها ابتكرت طريقة فريدة من نوعها لجمع الأموال ، ألا وهي تأجير أجهزتها الأمنية مقابل مبالغ مالية يدفعها المستفيدون من تلك الخدمات الخصوصية. وكشفت المجلة إلى أن مسؤولين يمنيين ، مدنيين وعسكريين ، يقومون منذ أكثر من عام بإبرام عقود ،على الأقل مع واحدة من شركات الوساطة المتخصصة في مجال التـامين البحري، من أجل توظيف سفن حربية يمنية وعناصر قيد الخدمة الفعلية في سلاح البحرية ومن خفر السواحل اليمنيتين مقابل عمولات مالية قدرها 55000 دولار لمرافقة ولتوفير الحماية الخصوصية ، بإتجاه ملاحي واحد ، لكل سفينة تجارية أو ناقلة نفط تعبر خليج عدن وترغب بالحصول على خدمات الحماية الأمنية من مخاطر عمليات القرصنة المستمرة في المنطقة ، وتشمل الرسوم المدفوعة تقديم ضمانات بالحصانة لشركات الملاحة المستخدمة لخدمات الحماية الخاصة من أي مسؤولية بسبب أي مواجهات تحدث بين أفراد الحماية والقراصنة. ووفقا لمصادر المجلة فأن هناك محاذير لمثل هذا العمل خاصة بشأن إحتمالات تعارض المصالح العامة والخاصة ، مشيرة إلى أن هناك تساؤلات يطرحها البعض بشأن مواجهة قام خلالها رجال الأمن اليمنيين المستأجرين بإطلاق النار على من اشتبه بأنهم قراصنة ، وعما إذا كان أولئك الجنود قد تصرفوا بإعتبارهم تحت حماية كاملة لدولة ذات سيادة أم أنهم قاموا بذلك بصفة فردية وشخصية. واستشهد المقال بما قاله كريستيان لامير المحلل بمعهد الدراسات الإستراتيجية والخبير بالشؤون البحرية الذي بيّن انه لا يتذكر أي حالة مماثلة في الوقت الراهن تقوم فيها حكومة بتأجير سفنها الحربية أو بحارتها الذين لازالوا قيد الخدمة الفعلية لتقديم خدمات خصوصية للزبائن مقابل تحصيل رسوم على تلك الخدمات. ولم يفت المجلة الإشارة إلى ما يجري أيضا على اليابسة وما أورده عدد من المحللين من إتهامات لضباط يمنيين بفرض اتاوات تقّدر بملايين الدولارات على شركات النفط العالمية مقابل توفير الحماية للعاملين ولمعدات تلك الشركات . كما ذكّرت بما دعته الأمم المتحدة من أن اليمن هي المصدر الأكثر إعتمادا و إستمرارية لتهريب الأسلحة إلى المجموعات المتطرفة والى العصابات في الصومال . وأشارت أيضا إلى وجود شكوك لدى محللين مختصين حول صراع و تورط أجهزة عسكرية يمنية بعمليات تهريب للأسلحة ، وكذا تورط أجهزة أخرى بعلاقات وثيقة وبتوفير الحماية للمهربين الناشطين على الخطوط الملاحية في خليج عدن. إن التقارير المتتالية والمهمة التي تعدها العديد من مراكز الدراسات والأبحاث ومن المنظمات الدولية والإقليمية ومن وسائل الأعلام والمهتمين وكذا الإهتمام المتزايد الذي يبديه المجتمع الدولي والرأي العام في كثير من الدول يعد أمر إيجابي ويحمل دلالات عديدة ، رغم انه جاء متأخرا . وهذا الإهتمام يعد أيضا بمثابة إعلان بإنتهاء زمن الإعتماد على السلطة كمصدر وحيد للمعلومات ولتقييم ما يجري من أحداث وتطورات في الجنوب وفي الشمال. وهو ايضا تأكيد على سقوط واحدة من "الثوابت" التي كانت السلطة تستند عليها وتوظفها بدهاء لخدمة مصالحها الخاصة ، حتى ظنت انها قادرة على الإستمرار في التزييف وفي إستغفال وتضليل العالم الى مالا نهاية. لقد أخطأت السلطة في صنعاء كثيرا وستكون مخطأة بصورة فادحة إذا ما هي تمادت بالعنف وأصرت على قراءة الواقع قراءة إنتقائية ، وواصلت تجاهل و إنكار الكارثة التي صنعتها بيدها ، والتي كان إنقلابها على المشروع الحضاري وعلى الشراكة مع شعب الجنوب بمثابة بداية المنزلق السحيق التي أوقعت نفسها به وأوقعت معها البلاد والعباد . لقد أستحوذت السلطة في صنعاء وسيطرت بشكل مطلق على كل مفاصل السلطة والثروة والنفوذ منذ السابع من يوليو 1994 ، في الجنوب وفي الشمال ؛ وكان لدى البعض آمال في أن يستوعب الدرس وأن تسخر الموارد والإمكانيات للبناء وللتنمية والإستقرار ، لكن وبعد قرابة سبعة عشر عاما على إجتياح الجنوب لم يرى الناس إلا زيفا ولم يكن للمتسلطين من " إنجاز " سوى إسقاطهم مشروع بناء الدولة ، فتبادلت المؤسسات والعصابات الأدوار ، وسقطت القيم، وساد الفساد وأصبح المال العام مسخّرا وخاصا للقّلّة القليلة ، وعم الجهل والفقر، ، وضاع الأمن والأمان ، وأشهر إفلاس البلاد على الملأ، وبدلا من تصدير المنتجات و الخيرات أصبحت صادرات اليمن للجوار وغير الجوار تهريب السلاح والمخدرات وبضاعة الإرهاب ، ونحرت السيادة وفتح الباب على مصراعيه للوصاية . وبعد كل هذا العبث ، وبعد الركام والدمار، وبعد أن أمتد الخطر وتفاقم ، فأن من الواجب على المجتمع الدولي وعلى الأشقاء بشكل خاص أن يأخذوا بالمبادرة بصورة عاجلة وفاعلة مع بقية الأطراف في الجنوب والشمال لمواجهة الأزمة بكل مسبباتها وجذورها قبل فوات الأوان. إن حكاية عرض مؤسسات اليمن السيادية للإيجار ، هي مسألة تلخص حجم العجز ومدى الكارثة ، وهي توجز بشكل بليغ واقع الملهاة المأساة التي تتوالى فصولها تباعا في اليمن ؛ ربما لا يرى البعض مشكلة في تأجير وحدات من الجيش أو الأمن في عمليات تجارية ، لكن قانون السوق يبيّن أن من يدفع أكثر ينال الرعاية والخدمة الأفضل ، وليس هناك في هذا الحال فرق بين من يرغبون في خدمات الأجهزة الأمنية والعسكرية السيادية طالما وهم يدفعون ، سواء كان ذلك الزبون شركة ملاحية أو شركة غاز أو نفط ، أو زبائن من مافيات الفساد أومن مهربي السلاح والمخدرات أو حتى من جماعات الإرهاب ![ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] هذا المحتوى من عدن برس | |
|