كتب :
أحمد عمر مدي
انتهى عام دراسي وهاهم أبناؤنا الطلاب استلموا نتائج اختبارات النقل خاصة المدارس الموحدة وطلاب استكمال المرحلة الموحدة والمرحلة الثانوية قد أكملوا الأسبوع الأول من فترة الاختبارات ومر الأسبوع الأول بما فيه من سلبيات . هناك طالب يحرم من اختبارات الثانوية لسقوط رقم الجلوس الخاص به وهناك ستون طالباً يدخلون قاعة الاختبارات بدون أرقام جلوس واختبار اللغة الانجليزية يتسرب بين الطلاب في حضرموت والمحويت وفضائح عديدة .. ترافق هذا العمل الذي يحدد مصير الطالب بعد جهد أثنى عشر عاماً من عمره أما نجاح بعد جهود ومثابرة في الفهم والمراجعة والمذاكرة وأما نجاح بغش وأما جهد ومثابرة وفهم ومراجعه ورسوب هذه نتائج التعليم في يمننا الحبيب كلعبه اليانصيب ولكن الأهم من ذلك هل هناك أهداف للتعليم وهل فهمنا رسالة العلم المناطه بنا كأمه مسلمة بحيث يتحول كل ما نتعلمه سلوك في حياتنا اليومية.
أن رسالة العلم خالدة ومبادئه أصيله وأهدافه جليلة لا يعقلها إلا من يفهم عن الله أمره ونهيه ولم يأمر الله رسوله (ص) بالتزود من شيء إلا من العلم (وقل رب زدني علماً ) .
كان المسلمون الأوائل يطلبون العلم في الحضر وفي السفر وينفقون على جمعه ونشرة المال الكثير .. حتى كانت المساجد والمعاهد تغص بالعلماء وكان لأهل العلم عند الملوك والأمراء غاية الاحترام والتقدير لا يأخذون إلا برأيهم ولا ينتهون في الأمر إلا بعد مشاورتهم .
وما ظهر الجهل في أمة شأنها خطير وأمرها كبير إلا تهدم بنيانها وتزعزعت أركانها وحل بها الخراب والتدمير والفساد والمظالم والنهب والسلب والقتل والرشاوى والتكالب على حطام الدنيا الفاني وكفى بما نشاهده في حياتنا اليومية دليلاً على ما نقول .. أن العلم معناه معرفة الحق والباطل والحسن والقبيح والحلال والحرام .
ليس الهدف من التعليم أن يخرج من كلياتنا ومعاهدنا ومدارسنا حاملي الشهادات العليا وإنما هدفنا أن يكون فينا الطبيب المسلم والتاجر المسلم والمهندس والجندي والقاضي المسلم والخطيب والشاعر والأديب المسلم والوزير والحاكم المسلم الذي يخاف الله ويقتدي بشريعته ويؤدي واجبه بأمانه وإخلاص دون أن يلعب بقضايا الناس وابتزازهم ومساومتهم على دفع الرشوة .. هكذا ينبغي أن نفهم الإسلام وهكذا ينبغي أن نتبع خير الأنام (ص) .. الإسلام يحث على العلم النافع ويجعله شرط العبادة وقوام الملك والعمران ويرغب في العناية به والأنفاق علية ومعاونة أهله في كل زمان .
.. أننا بحاجة ماسة للعلم وأشد ما يكون إلى أن نحمل أخلاق العلم ونتحلى بها وإلى علوم القران والشريعة التي تقلصت في مناهجنا التي يعرف بها الحق من الباطل والصحيح من الفاسد وبها تقوم الأخلاق ويعم الأمن والأمان.
علم لا يجعلك تعظم الله ليس بعلم .... علم لا يجعلك بارا بوالديك ووصولا بأرحامك ليس بعلم.... علم لا يجعلك صادقا وفيا ليس بعلم.. علم لا يجعلك في صفوف الصالحين ليس بعلم.. العلم ليس حفظ النصوص ولكن حفظها وإسقاطها على الواقع والأحداث والمواقف إسقاطا سليما ...
و السؤال يأتي : كيف حول النبي (ص) الجزيرة العربية من جزيرة يسكنها بدو رحلّ .. أمه لا تفهم شيئا .. ولا تفقه شيئا .. لاتعي شيئا .. أهلها قتلة نهبه .. سلبه سرقة .. زناة كذبة .. أمة وثنية .. أمة لا تعرف الله حق المعرفة .. أمة تسجد للحجر.. أمة تغدر .. أمة يقتل بعضها بعضا كما يفعل الناس اليوم يشهر أحدهم سلاحه في وجه أخيه المسلم .. امة عاقة .. أمة لا تعرف من المبادئ شيء .. كيف حولها (ص) إلى خير أمة أخرجت للناس .. من رعاة الضان والغنم إلى قادة للشعوب والأمم
أتى النبي (ص) للأمة الضائعة الأمة المسكينة و الأمة الضالة فهداها إلى الله لكن كيف علمهم ؟ أعلمهم بالسوط والسيف ؟ أعلمهم بالحبس والسجن ؟ أعلمهم بالحديد والنار ؟ أعلمهم بالرشوة والمحسوبية ؟ أعلمهم بالغش والفساد والأنانية ؟ لا والله (( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) لو كنت سفاكا للدماء تحب الفتنة ما اجتمعت عليك القلوب ولو كنت نهابا لثروات الأمة وأموالها ما أحبتك الأمة (( فبما رحمة من الله لنت لهم )).
أتى النبي (ص) إلى العرب الأجلاف الذين يقاتلون من أجل مورد الشاة ومربط الناقة وكما يحدث اليوم على قطع الأراضي وحطام الدنيا .. بالخلق .. بالبسمة .. باللين .. بالرفق .. بالنصيحة .. فانقادت له الأرواح والقلوب .. فحررها وطهرها من الوثنيات والشركيات .. والبدع والخرافات .. وقادها إلى الله .. هذا هو المنهج والأسلوب والطريق .. إنه الهدو واللين والصبر على تربية الإنسان الصالح والأسرة الصالحة والمجتمع الصالح والدولة الصالحة التي تقيم الحد وتنشر الأمن والأمان والطمأنينة والسلام .. أنها معجزة!!
كيف ألف بين غطفان وبني تميم .. وكيف ألف بين قريش والأوس والخزرج وكيف ألف بين هوازن وفزارة حتى أصبحوا إخوانا متحابين متصافين متقاربين .
هذه هي الوحدة الإيمانية الصادقة ليس وحدة الظلم ونهب الثروات والإقصاء والمواطنة غير المتساوية .. ولن يأتي ذلك إلا إذا وعت السلطة ذلك ووضعت أهداف صحيحة للتعليم بحيث تكون مخرجاتها رجال صالحين يقودوا اليمن إلى السعادة والرخاء .. ويرحل الفاسدون الناهبون المتنفذون الذين وضعوا اليمن في هذا النفق المظلم .
عضو المجلس المحلي
أحمد عمر مدي