fahad aqeel مـشـرف الأسعاء الشامل
عدد الرسائل : 1161 المزاج : أحترام قوانين الأسعاء الأوسمه : تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| موضوع: إمـام عـظـيـم ... من قصص باكثير المنسية (2) الجمعة 19 ديسمبر 2008, 4:43 pm | |
| إمام عظيم علي احمد باكثير (تحقيق وتقديم د.محمد ابوبكر حميد)
(مجلس الخليفة المتوكل، وعنده خواص أصحابه)(يدخل الحاجب يعقوب قوصرة)المتوكل : ما وراءك يا يعقوب؟يعقوب : هذا أحمد بن أبي دؤاد يا أمير المؤمنين، قد جاؤا به محمولا إليك كما أمرت.المتوكل : فليدخلوا بالمخذول هنا.يعقوب : سمعاً يا أمير المؤمنين. (يخرج يعقوب ثم يعود بابن أبي دؤاد، يحمله اثنان من الشرطة فتتوجه الأبصار إليه)المتوكل : ضعوه على الأرض، وأسندوه إلى ذلك الجدار. (يوضع ابن أبي دؤاد على الأرض، ويسند إلى جدار في أحد الأركان، وهو مريض بالفالج لا يستطيع الحركة)ابن أبي دؤاد : السلام عليك يا أمير المؤمنين.المتوكل : وعلى غيرك السلام. هيه يا ابن أبي دؤاد، هل لك أن تحدثنا عما فعلتموه بأحمد بن حنبل؟ابن أبي دؤاد : ما أخال أمير المؤمنين يجهل ذلك.المتوكل : أحقاً جىء له بالجلادين فضربوه حتى غشي عليه؟ابن أبي دؤاد : نعم يا أمير المؤمنين.المتوكل : هل تعتقد أنه كان يستحق كل هذا العذاب؟ابن أبي دؤاد : ...........؟المتوكل : ماذا كانت جريرته؟ابن أبي دؤاد : أبي يا أمير المؤمنين أن يقول: إن القرآن مخلوق.المتوكل : أكنت ترى أنه يكيد للدين ويبغي به شرا؟ابن أبي دؤاد : لا يا أمير المؤمنين، ولكنه أخطأ.المتوكل : وكيف علمت أنه أخطا؟ أأنت أعلم بالدين وأفقه للسنة من هذا الإمام الكبير؟ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين، ما كنت أنا وحدي في هذه السبيل. لقد كنت مع أبيك المعتصم أمير المؤمنين في ذلك.المتوكل : أفكان المعتصم أفقه وأعلم من أحمد بن حنبل؟ابن أبي دؤاد : وكان على ذلك أيضاً عمك المأمون أمير المؤمنين.المتوكل : ويلك، ألآن المأمون قد شدا شيئاً من فلسفة يونان، يكون أعلم بكتاب الله وسنة رسوله× من ابن حنبل؟ابن أبي دؤاد : كانت سياسة الدولة يا أمير المؤمنين تقتضي ذلك.المتوكل : أي دولة تعني؟ دولتنا أم دولة خصومنا العلويين؟ابن أبي دؤاد : بل دولتكم يا آل عباس.المتوكل : أفلم يكن المأمون من الساعين في هدمها؟ ألم يرد أن ينزعها من أيدينا ليجعلها لآل أبي طالب؟ابن أبي دؤاد : إنك تعلم يا أمير المؤمنين ألأيد لي في تلك السياسة.المتوكل : فإني لن أعاقبك عليها، ولكني سأعاقبك على ما ظلمت هذا الإمام الجليل. وعرضته للعذاب، طوال حكم المأمون عمي، والمعتصم أبي والواثق أخي.ابن أبي دؤاد : إنه كان يتشع لآل علي يا أمير المؤمنين.المتوكل : قد فتشوا داره فلم يجدوا فيها أحداً من أعدائنا العلويين، كما أدعيت عليه زوراً منك وبهتانا.ابن أبي دؤاد : لعله كان قد سرَّبه وهرَّبه يا أمير المؤمنين.المتوكل : كذبت أيها المجرم الأثيم. والله لأستصفين ما بقي من أموالك حتى لا يبقى عندك دانق واحد.ابن أبي دؤاد : حنانيك يا أمير المؤمنين أبق شيئاً لأهلي وأولادي. أما كفى ما أخذت من مالي حتى أصابني هذا الفالج، عافاك الله.المتوكل : تلك عقوبة الله، وبقي أن تذوق عقوبتي.ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين ليس من العدل أن تعاقبني وحدي فيما حل بابن حنبل.المتوكل : ويلك! أأنبش قبور شركائك: المأمون والمعتصم والواثق؟ أهذا ما تريد مني يا عدو الله؟!ابن أبي دؤاد : معاذ الله يا أمير المؤمنين، ولكني أطمع في عفوك أنت، كما أطمع لهم في عفو الله وغفرانه (يدخل يعقوب).يعقوب : يا أمير المؤمنين، هذا أحمد بن حنبل قد وصل.المتوكل : أهلاً به، فليدخل. (يخرج يعقوب)المتوكل : أتقبل يا هذا أن أحكم أحمد بن حنبل في أمرك ليقضى عليك بما يشاء؟ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين أنت أرحم وأعدل من أن تكل أمري إلى خصمي.المتوكل : ألا تريد أن تحتكم إليه؟ابن أبي دؤاد : إليك وحدك أحتكم يا أمير المؤمنين.المتوكل : فابق حيث أنت ولا تنطق بكلمة حتى يؤذن لك. ( يدخل الإمام أحمد بن حنبل فيقوم له الخليفة وجلساؤه أعظاما، ثم يجلسه المتوكل إلى جانبه) المتوكل : مرحبا بك يا أبا عبدالله. أنت عندنا على الرحب والسعة. أحمد : أصلحك الله يا أمير المؤمنين. هاأنذا قد حضرت اليوم إلى قصرك امتثالا لأمرك. فماذايريد أمير المؤمنين مني؟ المتوكل : عندي لك عتب يا أبا عبدالله، أريد أن أسمعك إياه.. أحمد :فيم العتب يا أمير المؤمنين. المتوكل : أنت تكره أن تنمشى مجلسي يا أبا عبد الله. أحمد : إنما أكره أن أجيئك لغير حاجة يا أمير المؤمنين حتى لا أشغلك عن ذوي الحاجات من رعيتك. المتوكل : بل كرهت الرحلة إلينا من بغداد. أحمد : إنماأشفقت من مشقة الرحلة يا أمير المؤمنين، فإني كما ترى شيخ هرم. المتوكل : قبحا لهم، لقد بلغني أنك تكره لقائي وتتنصل، وإلا لأعفيتك من هذه المشقة. أحمد : هذايا أمير المؤمنين مثل الذي بلغك عن داري، أني أؤوي فيها أحد أعدائك. المتوكل : أجل.. سامحني يا أبا عبد الله إذ أمرت بتفتيش دارك. أحمد : قد سامحتك يا أمير المؤمنين من قبل. المتوكل : والهدية التي أرسلتها إليك بلغني أنك استنكفت منها ففرقتها على الفقراء والمساكين. أحمد : يا أمير المؤمنين، لقد وجدت هؤلاء أحوج مني إليها فتصدقت بها عليهم، وما قصدت ـ والله ـ أن أغضبك. المتوكل : فقد أغضبني ذلك يا ابا عبد الله منك. أحمد : ( ممازحا) ماذا تركت لصالح ابني يا أمير المؤمنين.. لقد كان له عذره حين غضب. أما أنت فلا عذر لك. المتوكل : ( يبتسم ضاحكا) صدقت يا أبا عبد الله. والله لا أسمع فيك مقالة واش بعد اليوم. أحمد : حياك الله يا أمير المؤمنين وبياك.المتوكل : إنك سامحتني فيما كان مني في حقك. فهل لك أن تسامح المعتصم أبي وتجعله في حل؟ أحمد : قد فعلت يا أمير المؤمنين. المتوكل : ( فرحا) أحقا يا أبا عبد الله ما بقي في قلبك من شيء عليه؟ أحمد : ولا على أحد ممن آذاني. قد جعلتهم جميعاً في حل. المتوكل : حتى هذا المجرم اللعين. ( يشير إلى ابن أبي دؤاد) .أحمد : ( ينظر إلى حيث أشار المتوكل) ومن يكون هذا يا أمير المؤمنين؟المتوكل : ألا تذكره؟ هذا عدوك أحمد بن أبي دؤاد. أحمد : ما هو لي بعدو يا أمير المؤمنين. لقد سامحته وعفوت عنه. المتوكل : يعقوب. يعقوب : لبيك يا أمير المؤمنين. المتوكل : احملوا هذا المخذول إلى أهله. ابن أبي دؤاد : ( يحمله الشرطيان ليخرجا به) يا أمير المؤمنين حكَّم أبا عبدالله في أمري.المتوكل : هيهات! قد رفضت ذلك من قبل، فليس لك غير حكمي أنا. ابن أبي دؤاد : حنانيك يا أمير المؤمنين، اجعل حكمي إليه. ( يخرجانه وهو يصيح ويستغيث).أحمد : ما خطبه يا أمير المؤمنين... ما خطب ابن أبي دؤاد؟المتوكل : كنت أردت أن أنتقم لك منه، ولكنك عفوت فأمرتهم أن يعيدوه إلى أهله. أحمد : أكرمك الله يا أمير المؤمنين، إن الله تبارك وتعالى يقول: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله). المتوكل : هذا الذي عذبك يا أبا عبد الله واضطهدك، هذا الذي دفع ابي وعمي إلى عذابك. أحمد : ( يرفع يديه مبتهلا)اللهم اغفر لابن أبي دؤاد. اللهم تب عليه. المتوكل : وتدعو له يا أبا عبدالله؟ تدعو للعصاة المجرمين؟ أحمد : ( ماضياً في دعائه ) اللهم إن قبلت من عصاة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فداء، فأجعلني لهم فداء. ( يستولي على الحاضرين خشوع عميق، وتندى عيونهم بالدمع، ويسود بينهم الصمت برهة).المتوكل : (والدمع في عينيه) أبا عبدالله.. لا غنى لنا عن صحبتك. أفلا تقيم عندنا في سر (سُّرَّ من رأى) إلى ما شاء الله؟أحمد : لو أعفيتني يا أمير المؤمنين، وأذنت لي في العودة إلى داري ببغداد كنت لك من الشاكرين. المتوكل : أترغب عن جواري يا أبا عبد الله؟ أم تشكو من تقصير في حقك؟أحمد : سأصدقك القول يا أمير المؤمنين. إني لا أحب لك أن تكون أقسى على من المعتصم أبيك. المتوكل : كيف يا أبا عبد الله ؟ أحمد : سامني أبوك فتنة الدين أمس، وأنت اليوم تسومني فتنة الدنيا بما تغدق علي وعلى أهلي من عطاياك. وقد نجوت من الأولى يا أمير المؤمنين، وأخشى ألا أنجو من الثانية. المتوكل : قد فهمت قصدك يا أبا عبدالله ولك عندنا ما تحب. أحمد : ( فرحا) أبقاك الله يا أمير المؤمنين، ووفقك لكل خير. المتوكل : عظني يا أبا عبد الله قبل أن ترحل عني.. عظنيموعظة أحفظها عنك ما حييت. أحمد : يا عبدالله.. السفر قريب، والطريق طويل، والزاد قليل. المتوكل : ( يتمتم باكيا) يا عبد الله.. السفر قريب، والطريق طويل.... والزاد قليل. -ستار- | |
|