مقدمة عن الكتاب الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب هدى وموعظة وشفاء ورحمة وبشرى للمسلمين، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم، والصلاة والسلام على المبلغ الأمين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فإن المحور الرئيسي الدافع لهذا الكتاب هو تعميم الفائدة والتماس المنفعة من آيات الله المباركة في كتابه العزيز، والتفاعل مع القرآن الكريم روحاً ونصاً ومعنى حروفاً وجُمَلاً ليكون سبباً من أسباب قضاء الحاجات وانشراح الصدر ودفع الضر عن المسلمين والمسلمات لا سيما وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ *} [الأنعام: 38] وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُِوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ *} [يوسف: 111].
وانطلاقاً من ذلك وبرغم عدم وقوف العلماء على معرفة معاني الحروف المقطعة التي افتتح الله تعالى بها بعض سور القرآن الكريم والوقوف على مراد الله تعالى منها وما وراءها من أسرار مباركة والتي كان من أثر بركتها قراءة الرسول (ص) قوله تعالى: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} على من كانوا يحاصرون داره للفتك به قبل خروجه لهجرته، فغشاهم النعاس وحال الله بين أبصارهم وبين رؤيته ببركة هذه الآيات فخرج عليهم وحثا التراب على رؤوسهم ووجوههم جميعاً ولم يَرَهُ منهم أحد حتى خرج إلى دار أبي بكر ثم إلى دار هجرته المباركة سالماً غانماً، ومنها قوله (ص) لأصحابه في إحدى مغازيه: «قولوا {حم *} لا ينصرون»[(1)] فجعلوها شعاراً لهم فنصرهم الله وخذل أعداءهم وما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال: «من قرأ {حم *} المؤمن إلى {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 3] وآية الكرسي حين يصبح حُفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح»[(2)]. وما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال: «إن الله تعالى أعطاني السبع مكان التوارة، وأعطاني الراءات إلى الطواسين مكان الإنجيل وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور وفضلني بالحواميم والمفصل ما قرأهن نبي قبلي»[(3)] إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار التي وقفت عليها مما لا يتسع المقام هنا لذكرها وعرضها، فقد حملني ذلك منذ سنوات طوال على المعالجة بالقرآن الكريم والاستشفاء به لنفسي ولغيري عملاً بما ترشد إليه الآيات للاستشفاء به ومن خلاله والتي منها قول الحق تبارك وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا *} [الإسراء: 82] إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في هذا المقام، وقد حملني ما وقفت عليه وشرح الله صدري به من أحاديث وأثار حول الأحرف المقطعة التي افتتح الله بها بعض سور القرآن الكريم على قراءتها والتماس البركة في الشفاء من خلالها فرأيت من أثرها بفضل الله تعالى العجب العجاب، في سرعة الراحة والشفاء لنفسي ولغيري ممن قُرئت عليهم.
وكنت أبدأ بالأحرف المقطعة قبل قراءة أي آية مختارة من السورة التي افتتحها الله تعالى بهذه الأحرف ثم اتبعها بالآية، ولما بدا لي الكثير من الخير والبركة وسرعة الفائدة مراراً، على أثر ذلك، رأيت من الأمانة نشر هذا العلم والإخبار عنه وعدم الاستئثار به وكتمه حتى لا أكون يوم القيامة ممن قال فيهم رسول الله (ص): «من تعلم علماً وكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار»[(4)] وأرشدت إلى طريقة العمل به بالطريقة التي أشرت إليها أنفاً، لنشر المنفعة بأحرف القرآن المقطعة التي في أوائل السور بين المسلمين والانتفاع ببركة القرآن الكريم حروفه وآياته، وما يلمسه القارئ في كتابي من خطأ أو نسيان فمني فيما اجتهدت إليه ومن الشيطان، وما يلمسه من خير ونفع فمن الله وبتوفيق الله وعونه فهو وحده الكريم المنان وبه المستعان وهو من وراء قصدي ومرادي وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
والله تعالى أسأل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم وإن يجعله نافعاً لي ولعباده المسلمين وزخراً أجني أثره وثوابه يوم يقوم الناس لرب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وأصحابه أجمعين.
المـؤلـف عمر نديم قبلان نظراً لكبر حجم الملف فقد تم تقسيم الكتاب إلى ثمانية أجزاء يرجى تحميل جميع الأجزاء ومن ثم طباعتها وجمعها
الجزء الأول | الجزء الثاتي | الجزء الثالث | الجزء الرابع |
الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع | الجزء الثامن |